رجال الأعمال وتضخم الأموال


رجال الأعمال وتضخم الأموال


لقيني صاحبي مبحوح وهو يردد: هل من يُجيبُ إذا دعوتُ الداعي ويعي الخطاب وأين مني الواعي فقلت:أنا أجيبك فماذا تريد؟ قال: لقد تغيَّر الزمان وأهله. فلت: إذاً العيب فينا وليس في الزمان. نعيب زماننا والعيب فينا وما لزما ننا عيب سوانا قال: لقد كان الناس في السابق احسن حالا من حالهم الآن. قلت: أوضح لي. قال: في التواصل والإيثار شعارهم (لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). قلت: وهل كانوا يملكون,. قال: نعم، يملكون القناعة، وغنى النفس (ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غني النفس). قلت: هذا والذي قبله حديثان. قال: أجل أليسوا مسلمين يتأسون ويقتدون بنبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم؟ قلت: هل كان عندهم زيت وغاز ومعادن؟ قال: لا. قلت: إذاً كيف غناهم؟ قال: بعرق جبينهم يكدحون في كل المهن والحرف والزراعة ويزاولون أعمالهم بأنفسهم وأولادهم معهم. قلت: وما هو مقياس الغنى آنذاك؟ قال: بالسماحة والكرم والبذل مع الرضا. قلت: إذاً لهذا بارك الله لهم. قال: بل أزيدك فقد كانوا يقفون مع حكوماتهم في الأزمات المالية ويدفعون عن طيب نفس لتجهيز المقاتلين وللإنفاق على الدواوين. قلت: هذا صحيح إنهم يوزعون باكورة الرطب مجاناً وان النبق واللوز لا يباعان. قال: نعم بل الجار لا يحتاج الى شيء وهم بجواره والمتزوج يقوم به اهله وجيرانه. قلت: وهل كان هناك اثرياء؟ قال: نعم اثرياء يشار اليهم بالبنان في نجد والاحساء والحجاز. قلت: وكيف كان حال الأغنياء مع الفقراء؟ قال: لا تسأل فالفقير يأكل أرزاً وتمراً حاله حال الغني قلت: واللحم. قال: حتى الغني لا يأكل كل يوم لحماً ولكنه لا ينسى الفقير في كل المناسبات. قلت: هل هذا من الزكاة المفروضة. قال: لا، الزكاة شيء آخر. قلت: لماذا؟ قال: لأنهم يخافون الله فكل مصيبة تأتيهم كبيرة أو صغيرة يرتعدون على اثرها ويحاسبون انفسهم يقولون لعلنا لم نقم بحق جارنا فلان ولعلنا لم نقم بحق اولئك الايتام, شعارهم (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) لا رياء ولا سمعة. قلت: لهذا الامطار لم تنقطع عنهم رحمهم الله وغفر لهم، والربيع زرّع في سطوحهم. قلت: إذاً حالنا الآن أحسن من ذي قبل بعد استخراج كنوز الأرض. قال: لا تستعجل هل تقصد الآن أو قبل بضع سنوات. قلت: وما الفرق؟ قال: الوضع يختلف ففي الساحة من يسمون بتجار الطفرة. قلت: وما هو منشؤهم. قال: هؤلاء استفادوا من القروض طويلة الأجل من صندوق الدولة. قلت: وهل بلغوا مستوى مرضياً. قال: بل بلغت شهرتهم عنان السماء. قلت: وهل ردوا هذا الجميل فوقفوا عن طيب نفس لسد العجز المالي وهو بعض ما يجب أليس المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: من صنع إليكم معروفاً فكافئوه,,, الخ . أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان قال: لا أدري. قلت: اما كان الأحرى بالقائمين على الغرف التجارية في المملكة أن يناقشوا هذا الموضوع مع اعضاء الغرف ويبينوا لهم انه قد توجب الآن عليهم الإسهام في حمل اعباء الميزانية وان عليهم القيام بقسط من المشاريع ودعم الضمان الاجتماعي فهذا من باب شكر المنعم حتى تدوم النعمة. قال: يخشى من عاقبة ذلك. قلت: وما هي؟ قال: ربما رفعوا الاسعار على المواطن الضعيف فما صرفوه هناك استدخلوه هنا. قلت:لا أظن ذلك لأسباب منها أنهم ولله الحمد مسلمون وعندهم من الوعي والإدراك ما يمنعهم وكذلك نحن نعيش في ظل دولة إسلامية لا بد من انها ستحمي المستهلك حتى لا يُستهلَك. قال: ومن يقترح هذا أنا أم أنت؟ قلت: وما الفارق؟ قال: سوف يتخذ منه موقف عدائي وأنا لا املك الجرأة. قلت: إذاً لماذا تنشد هل من يجيب إذا دعوت الداعي ويعي الخطاب وأين مني الواعي حتى بُح حلقك؟ قال: ومن قال لك بأن حلقي بُح من كثرة النداء إنما بُح حلقي لأني أكلت بارداً على حار وشربت حاراً على بارد. قلت: فهل أكلك هذا وشربك على الحقيقة أم المجاز؟ قال: وما الفرق؟ قلت: إن كان على الحقيقة فعافاك الله وشفاك، وإن كان على المجاز فعافاك الله وأصلحك وهداك. قال: وما تقصد بالمجاز؟ قلت: أخشى ان تكون منهم.

 محمد بن عبد الرحمن آل إسماعيل

 http://www.suhuf.net.sa/2000jaz/oct/30/rv9.htm