إن شخصية الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه شخصية متعددة الجوانب طابع حب الفضيلة يطغى على شخصيته فهو ملك لاكالملوك وحاكم لاكالحكام خصوصاً إذا عرفنا ان
نشأته لم تكن مستقرة في مكان واحد ولم يتوفر له من العيش في صغره ماتوفر للملوك والسلاطين الذين نشأوا وفي أفواههم كما يقال ملاعق من ذهب, فالذي يدرس
سيرته في حروبه ومخاطراته وتجشمه الصعاب ومغامراته التي تفوق الخيال لابد أن يحكم عليه بأنه فاتك منتقم متسلط يأخذ بالجريرة لأن هذه الصفات نجدها متوفرة
في خلفاء وسلاطين بني امية وبني العباس والعثمانيين,
ولكن يقضي منك العجب حين ترى هذا الفارس الفاتك سرعان مايعفو ويصفح في وقت ليس للعفو مجال ولا للصفح مكان,
والشعراء يذكون نار الحرب والمبررات موجودة,
وابو الطيب يقول:
والظلم من شيم النفوس فان تجد
ذاعفةٍ فلعلة لايظلم
والكتاب الوحيد الذي ضم صوراً من عفوه وصفحه كتاب (من شيم الملك عبدالعزيز) تأليف الأستاذ فهد المارك رحمه الله فما في هذا الكتاب نضيفه الى مانحفظه عن
اهلنا,
رجال قاتلوه وقاتلهم ولوتمكنوا منه لقتلوه فيتمكن منهم ثم يعفو ثم لايكفي هذا بل يقربهم ويدنيهم ويجعلهم الوزراء والامراء والمستشارين وأصحاب السر فالرجل
لابد أنه درس من العلم مايجعله يخشى الله ويتقيه بنية صادقة وأنه يأخذ بنصح العلماء العاملين يحبون انتصاره ويجبون عفوه والعفو عند المقدرة,
فهذا الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله يقول
عليك بتقوى الله جل ثناؤه
وإصلاح مايدعو لعضل المفاسد
وبالعفو والاحسان والصدق والوفا
فان بها تسمو لشأو المحامد
وراع جناب الحق والصدق راجيا
جزيل ثواب الله يا ابن الاماجد
واياك ان تصغي لمن جاء واشياً
يرى انه بالنصح أعظم وافد
وما قصده الا ليحظى لديكمو
بما قال من زور بهتان حاقد
|
ولولا انه يعمل بقوله تعالى ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم , ولأنه يرغب في المسارعة الى المغفرة والجنة والله يقول
وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض اعدت للمتقين, الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب
المحسنين
فكان رحمه الله يؤلف الناس وينفق انفاق من لايخشى الفاقة ايام لم تكن هناك ميزانية, والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد من
يملك نفسه عند الغضب),،
فالملك عبدالعزيز يتمكن من خصمه ويعفو بل وينفق مع شدة حاجته للمال آنذاك وفي شدة غضبه يتمكن من أعصابه فلله دره ماهذه الصفات! بل ويغض الطرف ويتجاهل
الإساءة ويأخذ بقول الشاعر,
ليس الغبي بسيد في قومه
لكنّ سيد قومه المتغابي
|
وإذا استعرضنا التاريخ وحال بعض الخلفاء الامويين والعباسيين والعثمانيين وفتكهم بحاشيتهم وقادتهم على أدنى سبب دون تثبت بل بالشك والظنة والوشاية
الكاذبة ولو فتك الملك عبدالعزيز لما لامه لائم أسوة بهم,
فالملك عبدالعزيز هو الذي وصفه الشيخ عبدالعزيز العلجي رحمه الله بقوله
على انه احلى الملوك لطافة
وأحسنهم بشراً وأجزلهم ندى
وأوصلهم رحماً وأشرفهم سناً
وأوسعهم عفواً واقدرهم يدا
|
ومع الاسف ان غالب او لادنا وغالب طلاب المدارس يجهلون هذه الصفات لذا يجب ان نعلمها الاولاد في المدارس والجامعات فهي قيم اسلامية رفيعة عزيزة المنال
فالموفق لها هو الموفق وهو السعيد في الدنيا والآخرة,
سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب
وإن كثرت منه إليّ الجرائم
فما الناس الاواحد من ثلاثة
شريف ومشروف ومثلي مقاوم
فأما الذي فوقي فأعرف فضله
وأتبع فيه الحق والحق لازم
وأما الذي دوني فإن قال صنت عن
إجابته عرضي وان لام لائم
وأما الذي مثلي فإن زل او هفا
تفضلت ان الحلم للفضل حاكم
|
فهذا لسان الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه,
أولئك أشياعي فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا ياجرير المجامع
|