المحدث والفقيه


المحدث والفقيه


المحدث والفقيه

لقد عاب الإمام أحمد رضي الله عنه على محدث لم يتفقه ولأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لعبدالله بن عباس رضي الله عنهما ،فقا: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ،فالمحدث في منزلة الصيدلي والفقيه في منزلة الطبيب الذي يشخص الداء ثم ينعت الدواء سأل رجلٌ الإمام الجليل المحدث الأعمش رحمه الله عن الحائض هل لها أن تزاول شؤون البيت وشؤون زوجها فلم يجب الأعمش فذهب السائل إلى الامام أبي حنيفة رضي الله عنه فأجاب نعم لها أن تزاول كل شئ إلا الجماع فلما علم الأعمش سأل أبا حنيفة من أين أخذت هذا؟ فرد عليه أخذته من الحديث الذي رويته عنك وفيه (إن حيضتك ليست في يدك) فتبسم الأعمش ورد قائلاً أنتم الحكماء ونحن الصيادلة هذه سمعتها من سماحة شيخنا خاتمة محققي الحنابلة سماحة الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد في دروسه اليومية في الحرم المكي بعد المغرب وذلك عام ١٣٨٦هـ رحمه الله، قال صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين، نحن بحاجة إلى فقهاء فالسنة محفوظة والأحاديث مدونة وقد خُدمت في القرون المفضلة وقال فيها من له قول الفصل في صحيحها وضعيفها وعملوا بالضعيف حين لايأتي مايعارضه لا شك فإن العمل عليه منذ أكثر من ألف عام فعلى الناصح لنفسه ولأمته ولدينه الإكتفاء بقول أحمد والترمذي في الحكم على الحديث وماعليه أصحاب السنن والمسانيد المعتبرة وعليه مطالعة كتاب شرح علل الترمذي لإبن رجب الحنبلي ومطالعة (كتاب الرفع والتكميل في الجرح والتعديل) للإمام عبدالحي اللكنوي وعليه بكتاب (قواعد الحديث) وهو مقدمة كتاب إعلاء السنن للإمام التهانوي فإذا قرأها انطلق منها إلى غيرها من الكتب المحققة المتقنة وعرف الصنعة فقد عرف طريقة قبول الحديث ورده بخلاف العصريين الذين يهجمون على التصحيح والتضعيف فيصححون ويضعفون بلا ضوابط ولا قواعد وليس لهم سلف في عبثهم هذا حتى صاروا يصححون على الأئمة المتقدمين المتفق على إمامتهم فإن السابقين حين صححوا صححوا على بصيرة وحين ضعفوا ضعفوا على بصيرة وحين تركوا الضعيف فإنهم تركوه على بصيرة وحين أخذوا بالضعيف فإنما أخذوه على بصيرة ولهم قيودٌ وضوابط لا يعرفها المعاصرون ،فإن من عيوب المعاصرين أنهم يضعفون الرجل مع أن هذا التضعيف يعرفه المتقدمون وقد تكلموا عليه ولكن عندهم ضوابط متى يقبل ومتى يرد ومن خطأ المعاصرين أنهم يغرسرون في أذهان الشباب الشك في عمل المتقدمين وهذا خلل في المنهجية وعدم أمانة.

بقلم / محمد بن عبدالرحمن بن إسماعيل