مبارك العقيلي بين يدي الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه


مبارك العقيلي بين يدي الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه


الشاعر الاحسائي مبارك بن حمد العقيلي المتوفي سنة 1374ه رحمه الله نزح الى عمان وتنقل بين بلدانها وطاب له المقام هناك وهو شاعر فحل يجيد الشعر العربي

الفصيح الموزون المقفى ويجيد الشعر العامي, وهو كذلك خطيب مفوه قمة في البلاغة لو سمعه الجاحظ لدوّنه في المبرزين من الخطباء البلغاء, والشاعر يحن الى
الاحساء مع انه حل ضيفاً لدى حكام تلك الديار واكرموه حق الاكرام ولعله ترك الاحساء لظلم وقع عليه في عهد الترك لأنه يشير الى ذلك في قصائده التي يكاتب
بها اخوانه واحبابه في حي النعاثل من الاحساء ولكنه فرح فرحاً عظيماً حين علم بدخول الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه الاحساء,
وهاهو يستبشر بفتح الملك عبدالعزيز الاحساء فيقول:
ايها الاخوان ان زمن العبث طاف, واندحر ارباب النفاق والإرجاف، وانقطع رشاء الرِّشا، وطوى بساط العسف بمن وشى، فلا الراشي تصيب سهامه ولا الراشي تنصب
اعلامه، ولاذو الحق يطفو سرجه ولا المبطل تحميه ابراجه، ولا مشاقق يسعده مارق, ولا مارق يداهنه منافق، تساوت الافراد حتى كانت كالأولاد، فمن اصلح نفسه
واتقى فله الراحة والبقاء، ومن ألحد فله الحد، امنت الامة على حياتها من لسع عقاربها ونهش حيّاتها، فأدام الله علينا ظل ولايته وأمده بعنايته، وابقاه في
فسيح العز ورفيع الشرف انه قريب مجيب آمين, وهذه القصيدة التي معها في ذلك المقام

أزهر نجوم ام سعودية غرّ؟
وذا البدر ام هذا الإمام فما البدر
وهل هذه هجر ام الخلد زخرفت؟
فما كان فيها بالنعيم لنا خبر
نعم هذه الاحساء فانظر جمالها
فقد زال عنها العبث وارتفع الإصر
فرُح واغد فيها حيث شئت بمأمن
وكرر بها شكر الاله له الشكر
الم تدر ان السيف ميمون طالع
به نصر الاسلام وانخذل الكفر
وان لا حمى الا لمن ارهق الدّما
فلولاه لم يثبت لذي شرف فخر
ومن رام مجداً لم يبال بنفسه
ولم يعره في كل مكروهة ذعر
ومن ظن بالتفريط ان يحفظ العلى
فقد ضاع منه الحزم وتاه الفكر
وهيهات هيهات العلاء من امرىء
اها با له شيئان الموت والفقر
ولولا معاناة الشداد لم يسد
همام ولا طابت لسكانها مصر
وما يردع البأس الا ابن حرة
شديد الإبا افعاله كلها غر
فبالحد حفظ الحد من عبث عائث
وبالرعب لا بالرعب يستنعج النّمر
وكل امرىء ذي فكرة واقديّة
اذا ما ادلهم الامر فهي له فجر
وما سلّم العليا سوى البيض والقنا
وجرد عراب لم يخن اصلها الدهر
ومأمونة من طرز موزرليتها
من العرب الانجاب كان لها تجر
اوربية ان قيدت ابدت الرضى
وان اطلقت للشرفي طيها نشر
تبارت وعزرائيل فتكاً كأنما
على النزع للارواح بينهما إصر
وحُمس غداة الروع من كل اشوس
هزبريّ طبع قلبه في الوغى صخر
قرين ابو يحيا لحد حسامه
متى اشتبكت اضفار آسادها الخفر
على كل مختال صبيح كأنه
من التيه ذو جهل به يلعب الكبر
كجيش الامام العدل من آل فيصل
به كل فتاك له يصحب النصر
اجلّ الملوك الشم نفساًوهيبة
واطيب ذكر حين يتلى لهم ذكر
واوفاهم ذمراً وانداهم يدا
وابهى محيأ لن يفارقه البشر
منيع الحمى عبدالعزيز واين من
سواه به يسمو ويفتخر الفخر
احق امرىء يدعى الامام لانه
لأهل الهدى جبر واهل العمى كسر
حدير بذا من يعرف الله مؤمناً
بأن الهدى ما كان جاء به الذكر
ومن يكن الشرع الإلهي نجمه
يصل منتهى آماله وله الاجر
ابا الفضل زنت الملك بالعدل والتقى
فسرّ بك الاسلام وابتهج العصر
فما انت الا يوسف الملك والسنى
وذا العصر يعقوب اتاه بك البشر
وانت ابو بحر اللهى ثابت النّهى
ومعتصم العلياء ان نابها امر
صفوت ولم تكدر والت ولم تجر
وجدت ولم تمنن ولم يعرك الكبر
عفاءً لمن ناواك ماكان قصده
وقد سلّمت قسراً لك البدو والحضر
وما شد الا احمق خائر القوى
يرى ان ضوء الصبح يحجبه ستر
فكن فاعلاً ما شئت فالله مسعد
وقد ذّل كل الصعب واستسهل الوعر
ولا تسد معروفاً الى غير اهله
فأجرك فيمن ليس اهلاً له وزر
ولا ترفعاً الا نجياً عرفته
فمرفوع عصرالجور من حقه الكسر
ولاتستمع اراء كل مضلل
يرى اكبر الاحداث يرفعه الخمر
ورأيك اعلى والسياسة تقتضي
اموراً بها دون الانام لك الخبر
بقيت لنا والمجد فخراً ومعقلاً
وللخصم سما مزجه العلقم المر
ودامت لك الدنيا نعيماً مؤبدا
لك السعد والإقبال والعز والنصر

ثم تتوارد الخواطر على الشاعر مبارك العقيلي فيقول في 23 شعبان سنة 1332ه تواردت عليّ الخواطر بالسفر الى الاحساء لملاقاة الملك المعظم عبدالعزيز والتشرف
برؤيته واداء ما وجب عليّ من حقه فتحركت القريحة بهذه الابيات وفيها تاريخ السفر:

فلق الصبح بدا,
ودعا داعي السرور
ايها اللائم قم
ان ذا وقت النشور
فاز بالآمال من
جدّ سعياً في البكور
انت مشتاق للّوى
لا توانى فتخور
ذهب الامس بما
كان فيه من سرور
واتى اليوم الذي
فيه تيسير الامور
فاترك الشّغل سدى
وتأهب للعبور
ان في تاريخه
لك خير وسرور

ويصل مبارك العقيلي الاحساء ويلقي خطبته بين يدي الملك عبدالعزيز تتبعها قصيدة فيقول
الخطبة التي قلتها بحضور الملك المعظم صاحب الجلالة عبدالعزيز ابن الامام عبدالرحمن آل سعود في 17 من ذي القعدة سنة 1332:
حمداً لمن جعل الايام بين الانام دولا، ليبلوهم ايهم احسن عملا، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد المبعوث رحمة للملا وعلى آله وصحبه الاعلام النبلاء
الذين جاهدوا في الله حق جهاده فما وهنوا لما اصابهم ولا ، وبعد فقد جادت علي سحب طروس الاخوان بغيوث البشائر المتواتر وكفها بطهور هجر تولاها الامام
الظافر، عبدالعزيز ابن الامام عبدالرحمن آل فيصل آل سعود بلّغه الله المقصود وادام له التأييد وقمع بمطارق بأسه جمة كل عنيد، فاخضر مغبر الفؤاد وازهر وفتح
ورد السرور من الاكمام وأسفر، ونادى منادي الفلاح الله اكبر الله اكبر الله اكبر ايها الاخوان قد فات عصر الاسف وباد وأظلكم دهر الفرح والاسعاد عاد،
فأيامكم ايام تهانٍ وطرب ونيل الاماني وبلوغ الإرب، اجريت لكم انهار الشرع الالهي ودرست قوانين الضلال والملاهي، نشر عليكم العدل رايته فهزم جيش الظلم
ومحا آيته، وسيعرف المارق المتستر والخائن المتغتر، حيث اعطى الشرع الإمارة وانيط بالسيف الوزارة، فلا عفو عن محدود ولا طاعة لعبد في معصية المعبود،
فاحمدوا الله الذي لم يخيب آمالكم ولم يضع اعمالكم وامشوا على الدوام مرحا وانشدوا فرحا

اعاد لها من مجدها ما تهدما
مليك بحد السيف ذاد عن الحمى
وقلدها عقداً من الفخر ازهرا
كأن به قد نظمت انجم السما
وتوّجها اكليل عزّ معظم
به شأنها اضحى عزيزاً معظما
وسوّرها بالرعب من فتكاته
فكان لها سوراً منيعاً ومعصما
ولاها فأولاها السرور ابو الندى
من النعمى بها واكف هما
وفجّر فيها انهر الشرع دفعة
فلا احد يشكو بها ابداً ظلما
واطلق من اسر العنا كل مبصر
واودع في سجن الفنا كل ذي عمى
مليك وفيّ الذمر من آل فيصل
اجلّ امرؤ ذاتا وفعلا ومنتمى
ابو فيصل عبدالعزيز الذي بها
منار الهدى اعلى وللجود تمما
لك العذر هجر في الذي منك قد مضى
رضينا وحبل الهجر هاقد تصرّما