مفهوم البدعة 2
هذه هي الحلقة الثانية وهي إيضاح لما كتبته قبلها نزولاً على طلب الاخوة الذين اتصلوا بي يسألون عن تقسيم البدعة ويسألون عن التشديد والتيسير ويسألون عن الذي ينبني على هذا فأقول وبالله التوفيق:
أولا:تسرع بعض العلماء في إطلاقهم البدعة على أشياء وردت فيها أحاديث ضعيفة وأشياء أفتى بها وعملها أحد الصحابة وأشياء أفتى بها التابعون وعملوها وأشياء هي محل الخلاف بين العلماء المتقدمين وهم فحول العلماء أشياء استحبوها فيأتي بعض العلماء يشددون النكير ويصفونها بالبدعة.
ثانيا:هناك قضايا اختلف فيها العلماء المتقدمون وفيهم حفاظ ورجال فقه وحديث نحن نعتمد على علمهم وتفردهم ولكن إذا جاء شئ منهم يخالف مشربنا أسقطناهم من عين العامة فهل هذا منهج السلف وهل هو منهج سوي.
ثالثا: القضايا التي اجتهد فيها العلماء ولابد من الاختلاف في الاجتهاد لماذانجعله بدعة ؟
رابعا: لماذا نجعل البدعة أصلا في تعبدنا وحياتنا ؟
خامسا: هل من حق كل عالم أن يقول: هذا بدعة ؟
6- ثم إذا اختلف علماء السلف في مسألة أليس الصواب أن نحكي الخلاف ويرجح أهل الترجيح لكن لماذا نبني على هذا خلافاً وقطيعة وولاء وبراء وسباً وقدحاً فأين سلامة النية في البحث وحسن القصد أليس الأصل حسن النية والبحث عن الحقيقة .
7- ولماذا ننقل الموضوع من موضوعي إلى ذاتي والدخول في النيات وطعن في الأنساب وفي المذاهب ؟
8- هناك قضايا ومسائل حكاها العلماء في كتبهم وبحثوها بهدوء أعصاب كالحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه النفيس لطائف العارف والحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه الأجوبة المهمة فلماذا نقف منها موقف المتشنجين المعقدين بجرح هؤلاء الأئمة وهم نقلوا عن فحول وأئمة اتفقت الأمة على صلاحهم وإمامتهم ومصداقيتهم
9- ثم مالمانع من الاختلاف في محيط أهل السنه ويحترم بعضنا بعضا كما كان المحققون حين ينقلون المسائل الخلافية مادامت المسألة محل اجتهاد.
10- ولماذا كل عمل هو بدعة مذمومة فالقيام للقادم بدعة ودعاء ختم القرآن بدعة ودعاء الختم في الصلاة بدعة وإهداء ثواب القرب بما فيها قراءة القرآن للمتوفى بدعة والمحاريب بدعة وتزيين الصوت بالقرآن بدعة وصلاة التراويح عشرين ركعة بدعة والقراءة في كتب الفقه بدعة فلمَ نحول حياتنا إلى بدع مذمومة ولماذا التنابز بالألقاب والشتائم ؟ لماذا قطعنا أوصالنا وتنابذنا ؟
هذا هو الذي يريده العدو منا على قاعدة (فرق تسد) فلا نصلي خلف من يبسمل جهراً ولا نصلي خلف من يرسل يديه ولا نصلي خلف من يقنت في التروايح والوتر ولا نصلي خلف من يقنت في الفجر وإذا ما ناقشنا الموضوع قالوا لا صحة لذلك مع أن الواقع يُكذبه , وهناك من يذكي الفتنة بين أهل السنة ومن أهل السنة ولا تصل خلف ذاك المقلد المتعصب ولا تصل خلف من غترته بيضاء أو حمراء ولاتصل خلف من بشته زري ولا تصل خلف من بشته ابريسم (حرير) وتجد علماء أجلاء في بلدة واحدة لا يتزاورون ولا يتشاورون و ماذاك إلا لهوى في النفس فحب التصدر والتقدم ولو على حساب سلف الأمة والله إنها لمصيبة فالمخالف للشيخ فلان خطر عظيم فيه تجاوز للخطوط الحمراء لكن التقليل من علماء المذاهب الأربعة هذا شيء هيّن (وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم).
بقلم خادم أهل العلم
محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل
* جريدة الجزيرة الجمعة 20 ربيع الأول 1434 العدد 14736
Friday 01/02/2013 Issue 14736
http://www.al-jazirah.com/2013/20130201/is6.htm
مواضيع ذات صلة: مفهوم البدعة