محمد بن عبدالله آل ملحم


محمد بن عبدالله آل ملحم


بسم الله الرحمن الرحيم

محمد بن عبدالله آل ملحم

سألني محبٌ من هو الشيخ محمد بن عبدالله آل ملحم الذي ذكرته في مقالاتك السابقة فأقول: هو الشيخ الفاضل التقي سريع الدمعة من خشية الله من أسرة كريمة عريقة لا يضام جارهم بل جارهم عزيز نشأ في أسرة كريمة في فريقهم فريق الملحم وهو فريقنا وهو الحي الذي نشأت فيه فريقٌ يتميز بالتكاتف والتعاطف والتآلف والتلاحم والتراحم على اختلاف طبقاته وسوف أذكر مآثر هذه الأسرة في مقال خاص إن شاء الله.

الشيخ محمد رحمه الله نشأ في هذه الأسرة المتدينة وتخرج من كلية الشريعة عرف برقته وعاطفته وشفقته وبره بوالدته هينٌ يألف ويؤلف وشاعرٌ لا يجارى ولا يبارى له صوتٌ شجي إذا قرأ القرآن أبكى السامعين وإذا تغنى بالشعر فهو صناجة العرب لقد أوتي مزماراً من مزامير آل داوود صوته شبيه بإخواننا أهل النيل إذا تغنى بالشعر فليس له مثيل يعظ ويرشد وينصح ويحب الفقراء ويتفقدهم ويحرص على ادخال السرور على الأيتام ويغضب ولكن سرعان مايرضى فهو سريع الرضى لايقلد تقليداً أعمى بل يناقش ويحاور حتى يقنع أو يقتنع وعنده غيرة على الدين غيرة المالكية وهو من أسرة مالكية حين يسمع الخطأ فإنه لايصبر ولا يسكت مهما كان الحال فيه ذكاء مفرط يحضر مجالس العلماء ولكنه لايقبل كل مايسمع إلا بعد أخذ ورد وكان يزور الشيخ الجليل قاضي الأحساء الشيخ القوي النزية صالح بن علي بن غصون رحمه الله فدار الحديث حول الأحاديث الموضوعة فما كان من الشيخ الصالح إلا أن أهداه كتاب أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب وقال له هذه نسختي الوحيدة خذها هدية وكانت بينه وبين شخص يعزه ويوده نفرة بسبب مسألة علمية وفي عطلة عيد الأضحى عام ١٣٩٧هـ، أخذ بيدي في ناحية من الشارع وقال لي إن فلاناً يعز علي وعليك وأظنك أنت الوحيد الذي يستطيع أن يصلح بيننا فكلانا نرتضيك فقلت له ابشر واجتمعنا في منزله وكنا في الصيف وجلسنا في السطح وكان الجو جميلاً وكان العشاء آنذاك عشاءً رمضانياً الهريس وتوابعه وقال لي إن أمي في السطح المجاور وانها تدعو لك وأكلنا العشاء وزال مافي النفوس وخرجنا بعد الطيب العود الهندي مستبشرين أقول الشيخ محمد رحمه الله نسيج وحده لايعرف أحداً يتمتع بما يتمتع به من رقة وعاطفة ليس لها نظير ويلتزم بحديثه التخاطب باللغة الفصحى سجية و دون تقعر حيث يفهم كلامه الخاصة والعامة ، في احدى الجلسات معه رحمه الله دار نقاش في مسألة ليس هذا مكان ذكرها وافترقنا وحل الجفاء بعد الصفاء فلما حان وقت الغداء لم أستطع تناول الغداء ولم يؤذن لصلاة العصر إلا وأنا في المسجد المجاور لمنزله فصليت ثم طرقت عليه الباب فرد عليّ منفعلاً مالذي جاء بك لقد انتهى الذي بيننا، فقلت له: لا لم ينتهِ والذي جاء بي قوله صلى الله عليه وسلم: لايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، فما كان منه رحمه الله إلا أن فتح الباب واحتضنني قائلاً لقد غلبتني وبكينا أنا وهو وزال مافي النفوس وقد عودت نفسي انني اذا حصل بيننا جفوة فأنا لا أرضى بوسيط بل أنا أذهب إليه ليحل الصفاء مكان الجفاء. أصيب رحمه الله بالسرطان في الأمعاء ومع هذا فكان يستقبل الزوار فزرته أنا وأخي الشيخ إسماعيل رحمه الله وفتح الباب لنا وهو يتلوى من شدة الألم ويتدحرج في المجلس تدحرج الكرة فخرجنا والحزن والكآبة مخيمان علينا توفاه الله يوم التروية 08 / 12 / 1408 هـ ودفن بعد الصلاة عليه في مقبرة أم زرينيق ولم يبق رجلٌ صالحٌ أو عابدٌ أو تقي إلا حضر جنازته فكانت جنازةً ليس لها نظير وبكاه كل من شارك في دفنه رحمه الله وغفر له وجمعنا واياه في جنة النعيم بعد عمر مديد حتى نصلح مافات وإنا لله وإنا اليه راجعون.

محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل