الوداع الوداع ياشهر الصيام الوداع الوداع ياشهر القيام المعذرة يارمضان لقد تغيرنا ولم يتغير الزمان وقد كنا ننتظرك ستة شهور ونبكيك ستة شهور كنا نستقبلك بإعداد الختمات وبأكياس ومحافظ من أحسن القماش للمصحف الشريف المصحف الذي اصطحبناه منذ الطفولة لكل واحد منا مصحفه الذي أتقن فيه القراءة وهو الذي نأخذه معنا إلى المسجد ونعود بهِ إلى البيت يا رمضان ونستعد لك بالساعة الدقيقة لضبط أوقاتنا وبالسواك لتطييب أفواهنا يا رمضان كنا نستبشر بقدومك وعيوننا تنهمل بدموع الفرح أن بلغنا الله إياك ونبكي على موتانا الذين لم يدركوك ونترحم على والدينا وعلى أحبابنا لأنه لو قيل لأهل القبور تمنوا لتمنوا يوماً من رمضان إنهم الطيبون يا رمضان الذين يعرفون لك قيمتك وينزلونك منزلتك يا رمضان فقد تواضعوا وتطامنوا لمن هو دونهم لم يتفردوا بعيش ولا بالطعام ولم يتميزوا بالسكن وليس فيهم حديث نعمة وليس فيهم ضعيف إيمان ولا من يغلب عليه الطيش يبكون ويضحكون يفرحون ويحزنون يتفاعلون مع المناسبات يتقاسمون اللقمة فيك يا رمضان كل الناس يأكلون الهريس فيك يا رمضان يبدأون من بعد صلاة العصر بتوزيع الأكلات الشعبية على الفقراء وعلى الجيران فتضيق بيوتهم بالمأكولات فيفرح الفقراء بك يارمضان كما يفرح غيرهم حتى العصاة والمذنبون يكفون عن عصيانهم احتراماً لك يا رمضان وإحتفاء بك يا رمضان وكلنا عصاة وكلنا مذنبون إن الفطرة النقية وطهارة السريرة هي العلامة الفارقة في مجتمعنا يا رمضان نزور الصالحين أكثر من شعبان فرؤيتهم تذكرنا بالآخرة وتقوي ثقتنا في الله فلا نيأس ولا نقنط من رحمة الله فالصالحون يقوون ثقتنا في الله ونعلم أن الله يفرح بتوبتنا ومن يغفر الذنوب إلا الله فمجالس العلماء والأغنياء يتصدرها الضعفاء والفقراء وكلنا فقراء إلى الله يا رمضان كنا نتسابق في قراءة الختمات وإهداء ثوابها لموتانا يا رمضان وكان علماؤنا رحمهم الله عاملين فقد كانوا يأخذون بأيدينا إلى بر السلامة أعذرنا يا رمضان وأنت الآن تودعنا فقد كنا نبكي على فراقك يا رمضان أما الآن فقد قست قلوبنا فقد جفوناك ولم نبكِ وما ودعناك حتى أبو طبيلة كان يبكي ويبكينا بعد ماكان بألحانة يشجينا حين يقول بصوته الحزين الذي يجعل الصخر يلين منادياً وقت السحور بقوله (الوداع الوداع ياشهر الصيام الوداع الوداع ياشهر القيام) أما الآن فكأننا لا نعرفك فسامحنا إن كنا قد تنكرنا لك ولم نقم بحقك (نعيب زماناً والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا)
بقلم / محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل
