أحسن من واو الملاح


أحسن من واو الملاح


حين أريد أن انفي شيئاً في حديث تقدم وأرغب في الدعاء لمن اخاطبه فإني آتي بجملة إنشائية دعائية، فيكون الحال إذاً وجوب الفصل لاختلاف الجملتين فالأولى خبرية والتي بعدها إنشائية فأقول مجيباً محدثي : لا سلمك الله ، أو لا سدد الله خطاك. وعلى هذا الحال أكون قد دعوت عليه لا دعوت له فخالفت ما أردت، ولكني حين ادخل حرف الواو بينهما يتم ما اقصده وهو الدعاء له لا عليه. لذا فإنه يجب وصل الكلام لا فصله حتى ادفع الوهم الذي يوقعني في خلاف ما اريده فأقول: لا وسدّد الله خطاك، لا وسلمك الله، لا وشفاك الله.فانظر كيف عملت واو الوصل هنا ولو حذفناها لصحت اللغة وفسد المعنى المقصود فتكون لا سلمك الله، لا سدد الله خطاك، لا شفاك الله. فالواو حين دخلت عملت عملاً ليس بالهين فبينت الغرض الذي اريد، اما حذفها فيعكس ما اريده الى ما لا اريده. ولما سأل هارون الرشيد نائبه عن شيء فقال: لا وأيد الله الامير، فلما سمع الصاحب ذلك قال: هذه الواو احسن من واوات الاصداغ على خدود الملاح، انظر الى ذوق الصاحب وحضور بديهته وهذا مما يحسد عليه لان النساء اذا ظفرن شعورهن او سرحنه تبقى شعرات قريبة من الاذنين ليست بالطويلة تلتف حول الاذن على الصدغ على هيئة واو، وكل النساء كذلك حتى النساء في العصر الحاضر اذا سرحت المرأة شعرها فإنه تبقى عندها شعرات على صدغها قريباً من اذنها تشكل واواً بجوار الاذن، فانظر كيف فطن الصاحب لشيء لم يفطن إليه غيره. والمشكلة أننا لا نزال نسمع من يقول عن زيد هل رجع من سفره؟ قول: لا سلمك الله، إذا لابد أن نتنبه وندخل الواو فنقول لا وسلمك الله. حتى هل.. عشقت ..!! هل: حرف استفهام يستخير به وهو يختص بالتصديق المراد به الايجاب مثل قوله تعالى «قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا» سورة الانعام 148 فهل، هنا اعرابها حرف استفهام مبني على السكون ليس له محل من الاعراب وقد نقصد بها النفي او التبكيت او التنبيه نحو قوله تعالى : «هل هذا الا بشر مثلكم» «الانبياء3» وقوله تعالى «هل يجزون الا ما كانوا يعملون» «الاعراف 147» فهل هنا حرف استفهام تضمن معنى النفي ليس له محل من الاعراب وهو مبني على السكون. وتأتي متضمنة معنى قد كما في قوله تعالى «هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً» «الانسان 1» هل أتى أي قد أُتي. وهي لا تدخل إلاَّ على الفعل فإن جاء بعدها اسم كان هذا الاسم فاعلاً لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور فتقول : هل الاستاذ وصل … ؟، فالاستاذ فاعل لفعل محذوف تقديره وصل الاستاذ وصل، فالاستاذ فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. ولهذا قال أحدهم : غزالةٌ عشقتْ ظبياً حوى حوراً فمذ رأته حنَّت لألفته كَهَلْ إذا ما رأت فعلاً بحيزها حنت إليه ولم ترض بفرقته

محمد بن عبدالرحمن آل اسماعيل

 www.suhuf.net.sa/2001jaz/mar/23/rv7.htm