البشتخته


البشتخته


البشتخته

لقد أهداني الأخ الفاضل الدكتورسمير الضامر كتابه الموسوم (البشتخته) تناول فيه القصائد الأحسائية وغيرها المغناه وأشهر من تغنى بها فترة من الزمن والكتاب يقع في ٤١٧ صفحة وقد ساح وتوسع حتى استوعب جميع الألوان الشعر المتغنى به وكما يعلم القارئ إن ديننا فيه فسحة ولسنا نتكلم في التغني بالشعر الفاحش وما يسمى بالغزل المكشوف وهو مايدعو إلى الفاحشة ولكن عندنا ماهو مشروع بل مستحب مثل الغناء في الزواج لإعلان النكاح للنساء والرجال بلا إختلاط كلٌ على حدة والغناء بمناسبة الختان والغناء في العيدين وفرحاً بقادم وهذه كلها ذكرها الفقهاء وهناك غناء أهل البحر الغواصون ويسمى الذي يؤديه (النهام) لأن المثل المشهور الداخل في البحر مفقود والعائد مولود فيبدأ بالنشيد مايسمى بالفراق فيه شحذٌ لهمم الغواصين حين يفارقون أهلهم في البر وآخر النهامين في الأحساء رجل كفيف من أسرة الطليحي في حي النجاف من النعاثل يسمى أبو مهيبش إذا جر في النهامة يبكي كبار السن لأنه يذكرهم بماضيهم والمخاطر التي رأوها وفقدانهم أحبابهم في البحر ، وهناك غناء البنائين حين يزاولون البناء فوق السطوح من شدة الحر وهناك العرضة وهي أناشيد حربية ورقصة حربية كلها رجولة للتهييج وإثارة حماس المقاتلين وهناك التحميدة لمن ختم القرآن الكريم وقد اشتهر بها الشيخ عبداللطيف بن عديل وفرقته رحمه الله وهو إمام مسجد الشطيب في حي النعاثل وهناك مايسمى (الردة) أو القلطة عند البادية وعند بعض الحاضرة ، أما الأعراس فقد اشتهر في الأحساء عددٌ من النساء وعلى رأسهن هيا النخيلان رحمها الله وهي امرأة مكفوفة وهي تحج سنوياً وتعتمر في رمضان الى أن توفاها الله وتسمى في الاحساء والخليج (الطقاقة) أما في الرياض فيسمونها (الدفافة) لأنها تضرب على الدف أما العرضة فإنها تقام في الأعياد والأفراح وقد كان سيدي الوالد رحمه الله حين كنت طالباً في الإبتدائية يلبسني لباس العرضة ويقلدني سيفاً وخنجراً وأذهب أيام العيدين كل يومٍ بعد صلاة العصر الى أرض (الدريبية) قبل أن يقام عليها البناء وهي بجوار مصلى العيدين وبجوار بستان القويعية والذين يتبنون هذه العرضة رجالٌ من أسرة آل ملحم وكلهم كبار السن وأنا الصغير بينهم وكانوا يشجعونني ويفسحون لي المجال غفر الله لهم ورحمهم والعرضة رقصة رجال تعلم الرجولة وكيف يقابل الخصم في الميدان ليس فيها تغنج ولا تثني ولا زفن ،أما (البشتخته) هكذا اشتهرت فقد كانت ممنوعة لا تدخل البلاد إلا تهريباً ولكنني في إحدى حجاتي وأنا طالبٌ في المعهد العلمي فوجئت بالشيخ عبدالباسط عبد الصمد رحمه الله يقرأ آواخر السور فقد أبدع أيما ابداع ووجدت التسجيل على اسطوانات (بشتخته) فاشتريت الاسطوانة ولما جئت الاحساء في احد الايام الضحى وضعت الاسطوانة وبدأ الشيخ عبدالباسط يقرأ سورة التكوير وإذا بالباب يطرق فتحته وإذا مجموعة من الأعيان الفضلاء من المديرس والقرين سلمت عليهم وأدخلتهم فلما دخلوا وقد كنت أوقفت الإسطوانة فلما دخلوا وإذا بهم يرون المنكر (البشتخته) فتوقفوا مدوهشين قالوا لي: كأننا سمعنا قرآن ولكن ياولدي توقف ولم يكمل فقلت هذا عندي وما كان مني إلا أن وضعت الابرة على الاسطوانة وبدأ الشيخ يقرأ سورة التكوير فجلسوا مدهوشين فلما انتهت السورة قالوا: عجيب ما كنا نظن إلاّ انها للأغاني فقط فكيف تحولت إلى قراءة قرآن وزالت الغرابة عنهم .

هذا واني لأشكر الأخ الدكتور/ سمير الضامر واسأل الله جلت قدرته أنَّ يغفر لهؤلاء الذين ترجم لهم وأن يتجاوز عن سيئاتهم وأن يعفو عنا وعنهم إنه ولي ذلك والقادر عليهذكروا محاسن موتاكم)

بقلم محمد بن إسماعيل