الشهيد الملك فيصل رحمه الله (2) يتبع
سألني أحد الاخوان أنت كتبت عن الملك فيصل حين زار الاحساء أول توليه الحكم ولكنك لم تكتب عن خاتمة حياته فقلت له اسمع لقد كان يوماً مشهوداً وكأن القيامة قامت وأظلمت الرياض وقتها وأظلمت بقية المملكة لما نزل خبر إستشهاد الملك فيصل طيب الله ثراه فقد نزل على الناس وعلينا كالصاعقة فأغلقت الدكاكين والمحلات التجارية وأقفرت الشوارع وبكاه الرجال والنساء والأطفال في السعودية وخارجها وبكاه الوافدون وبكاه المسلمون وبكاه كل من يحب العدل إنه موت أمه إنا لله وإنا إليه راجعون، خرجنا للصلاة عليه في مصلى العيد وإذا بالشوارع مزدحمة بالناس فكل الناس خرجوا يشيعونه إنه إمام المسلمين نعم خرج كل الناس المواطنون وغيرهم وآثار الحزن على وجوههم لأنهم يعرفون مواقفه الصلبة الداعمة للعدل والإنصاف والوقوف إلى جانب المظلومين والمضطهدين في أنحاء العالم وفي اليوم الثاني فتح مجال التعزية والتهنئة في قصر الحكم في الصفاه فخرجت ومعي مجموعة من الزملاء ولكنهم رجعوا لما رأوا شدة الزحام فالمجال مفتوحٌ لدخول كل الناس بلا إستثناء ولاتفتيش لأننا في ذلك الوقت لم نعرف التفجيرات ولا الخروج على الحاكم ولم نعرف الحزبيات وأقول: دخلت فلما بلغت ثلث المسافة وإذا بالناس وكأنهم موج وكأنهم في الزحام أيام الحج بل أشد هذا تسقط غترته (ملحفته) وهذا يسقط بشته إذا تقدمت مترين ماجا الموج فتأخرت أربعة أمتار وضاق النفس عند كثير من الناس فالتفت خلفي وإذا هم يدفعونني وكلمة حق لقد كان الأمراء كلهم مع العسكر يرتبون المسارات التي اختلطت مع الزحام وفكرت في الرجوع لأعود غداً وإذا بأحد الأمراء جزاه الله خيراً يسألني لماذا ترجع؟ فأخبرته فأمسك بيدي وقال من أين أنت ؟ قلت: من الاحساء فقال: حي الله أهل الأحساء فقلت له: بل أنا من الأحساء ومن الرياض قال كيف؟ قلت إخواني لأمي من آل حماد قال الحماد أهل دخنه؟ أصحاب الحلة؟ قلت: نعم ، قال: ونعم، وصلت بعدها وإذا بالملك خالد رحمه الله واقف وقد أرهق وبجانبه الملك فهد رحمهم الله وبقية الأمراء فعزيت وهنأت ورأيت من الواقفين خلف الملك خالد الشيخ الجليل/ صالح بن علي بن غصون رحمه الله وقد كان رئيس محاكم الأحساء عشر سنين فأردت أن أسلم عليه فما استطعت الوصول وخرجت وقد أذن لصلاة الظهر يومٌ مشهود لا أنساه كيف وقد أهتز العالم بأسره لموت هذا القائد العظيم الذي احبه الناس القائد الذي لم يهزم ولم يعرف الهزيمة رحمه الله وغفر له ،آمين .
بقلم/ محمد بن عبدالرحمن بن إسماعيل