ماء زمزم لما شرب له


ماء زمزم لما شرب له


 ماء زمزم لما شرب له

صحيح معناه

قرأت مقال فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن سعد اللحيدان المعنون بـ ((كثير من الآثار المتداولة ليست من السنة)) المنشور في العدد 15636 يوم الخميس 25 جمادى الآخرة 1430هـ في (الدين والحياة) أورد أحاديث وآثاراً منبهاً أنها لم تثبت صحتها ومنها حديث ((ماء زمزم لما شرب له)).

وأقول حين يقرأ الناس هذا الإطلاق فإنهم يفهمون أنه لا فضيلة لماء زمزم وأنها لا نفع في مائها.
لو أنَّ الشيخ وضح للقارئ أنَّ الحديث وإن لم يصح سنده فقد صح معناه وقد جاء من طريق أخرى صحيحة لزال الإشكال.
          وقد وجه إلى سماحة الشيخ المحدث عبدالعزيز بن باز رحمه الله سؤال هذا نصه: هل هناك حديث صحيح عن فائدة ماء زمزم؟ فأجاب رحمه الله: ماء زمزم دلَّت الأحاديث الصحيحة على أنه ماء شريف وماء مبارك وقد ثبت في الصحيح أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في زمزم: ((إنها مباركة إنها طعام طعم)) وزاد في رواية عند أبي داود بسند جيد ((وشفاء سقم)) فهذا الحديث الصحيح يدل على فضلها وأنها طعام وشفاء سقم وأنها مباركة والسنة الشرب منها كما شرب منها النبي صلى الله عليه وسلم ولما فيها من البركة وهي طعام طيب مبارك طعام يشرع التناول منه إذا تيسر كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث الصحيح يدلنا على ماتقدم من فضلها وأنها مباركة وأنها طعام طعم وشفاء سقم وأنه يستحب للمؤمن أن يشرب منها إذا تيسر له ذلك الخ ص132 فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة.
ولمَّا أورد السخاوي في المقاصد الحسنة هذا الحديث بهذا اللفظ قال بعد أسطر: وأحسن من هذا كله عند شيخنا ما أخرجه الفاكهي من رواية ابن إسحاق حدثني يحى بن عباد عبدالله بن الزبير عن أبيه قال: لما حج معاوية فحججنا معه فلما طاف بالبيت صلى عند المقام ركعتين ثم مر بزمزم وهو خارج إلى الصفا فقال: انزع لي منها دلوا يا غلام قال: فنزع له منه دلواً فاتى به فشرب وصب على وجهه ورأسه وهو يقول: زمزم شفاء وهي لما شرب له. بل قال شيخنا:إنه حسن مع كونه موقوفاً وأفرد فيه جزءاً واستشهد له في موضع آخر بحديث أبي ذر رفعه: ((إنها طعام طعم وشفاء سقم)) وأصله في مسلم وهذا اللفظ عند الطيالسي قال: ومرتبة هذا الحديث أنه باجتماع هذه الطرق يصلح للاحتجاج به ص568.
          وفي كتاب أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب قال: حديث: ((ماء زمزم شفاء من كل داء)) قال ابن حجر سنده ضعيف.
ثم أورد بلفظ آخر ((ماء زمزم لما شرب له)) رواه أحمد وابن ماجة وفيه مقال ضعفه النووي وصححه الحاكم وابن عيينة وقال ابن القيم: اسناده حسن وإسناد ابن ماجة جيد الخ ص378.
          وقال شيخنا صالح آل فوزان سلمه الله في منسكه ص82 بركة ماء زمزم: وماء زمزم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ((أنه طعام طعم وشفاء سقم وأنه لما شرب له)) فيه شفاء بإذن الله فيه قوة للبدن فيه أجر يشرب منه المسلم ويكثر الشرب منه ويتضلع منه. انتهى
          وعلق في الحاشية قائلاً: أخرجه ابن ماجة: المناسك ص3062 وأحمد ((357،3)) انتهى
وذكره ابن القيم وابن جاسر في منسكه.
وفي النهاية لم يقل أحد من العلماء أنه موضوع وأعلم أن الشيخ صالح اللحيدان لم يقصد أن يقول بأنه موضوع ولكن قصده بعض طرق ألفاظه ولكن معناه صحيح عنده ولكن القارئ يظن أن الشيخ ينفي فضله وبركته ومنفعته.
          وهناك أحاديث كثيرة اختلف المحدثون في صحة ألفاظها ولكن معناها صحيح.
ولو سلكنا مسلك المتشددين في الرواية لما صح لنا إلاَّ القليل وإذا بلغ الرجل شيئاً من الكمال فلا يخلو من قادح ومادح وكان شيخنا المحدث الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله يكررها دائما.
          والمقام لا يقتضي الاستقصاء والإطالة والبحث في مظانه.
وجميع الفقهاء ناقشوا التطهر بماء زمزم في باب المياه في كتبهم وذلك لشرف هذا الماء ولفضيلته وإلاَّ لما ذكروه واختلفوا في حكم رفع الحدث والخبث به.
          أمَّا حديث ((أدبني ربي فأحسن تأديبي)) وحديث ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) وإن لم يصح لفظهما فإن معناهما صحيح فعموم نصوص الكتاب والسنة تدل على ذلك منها قوله تعالى: ((وإنك لعلى خلق عظيم)) ومنها قوله تعالى: ((لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)) والآيات كثيرة في ذلك.
          أمَّا حديث (( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) فقد قال العلامة الشيخ صالح بن أحمد الشامي رحمه الله في كتابه من معين الشمائل ص145 في الحاشية: ((الحديث ذكره ابن كثير وقال أخرجه أحمد ((البداية والنهاية 6/35)) وقال في أسنى المطالب: أورده مالك في الموطأ بلاغاً قال ابن عبدالبر: هو متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره مرفوعاً اهـ.
قال في مختصر المقاصد الحسنة: صحيح. انتهى ص145.
أمَّا ولادته صلى الله عليه وسلم فمتفق عليه أنها عام الفيل أمَّا بالنسبة لليوم والشهر فإنَّ الذي عليه عمل الناس أنه ولد يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول هذا هو المشهور لدى العامة والخاصة وهو المستفيض وقد يكون في ثامن أو عاشر ولكن الذي استقر عليه الناس في الثاني عشر.
هذا وصلى الله على عبده ورسوله سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم.  
 
 
كتبه خادم أهل العلم

محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل