الشيخ محمد آل إسماعيل يروي لـ «الجزيرة» جانبا من علاقته بالشيخ عبدالعزيز بن باز


الشيخ محمد آل إسماعيل يروي لـ «الجزيرة» جانبا من علاقته بالشيخ عبدالعزيز بن باز


is01

 تساءل: أين المنتسبون لسماحته من أخلاقه؟!
الشيخ محمد آل إسماعيل يروي لـ «الجزيرة» جانبا من علاقته بالشيخ عبدالعزيز بن باز

الأحساء – خاص ب«الجزيرة» :

روى الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل، الذي كان مكلفاً بالقراءة في الكتب والمراجع، وتحضير أجوبة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله -، جانباً من حياة الشيخ ابن باز وعلاقته بالعلماء، ورؤيته للكثير من القضايا، وطالب الشيخ آل إسماعيل ممن كانوا مقتربين من الشيخ، ويسمعون ردوده على الهاتف، وأجوبته على الأسئلة أن يكتبوا سيرة الشيخ ابن باز كما عرفوها.

وقال الشيخ آل إسماعيل: إن مكانة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله -، أعني مكانته في المجتمع الإسلامي، لا تخفى على أحد، فقد عُرف بدفاعه عن السنة، واشتهر بمعرفته الحديث ورجاله، حيث لا ينافسه أحد في معرفة رجاله، ومن محفوظاته التهذيب لابن حجر وغيره، واشتهر بفتاويه التي شرقت وغربت، فالشيخ فقيه محدِّث، كان أستاذ الفقه والحديث في المعهد العلمي وفي كلية الشريعة في آن واحد، واشتهر بتواضعه، وأنه يألف حتى مع من يخالفهم ويخالفونه، صاحب نخوة ونجدة وإيثار ليس له مثيل، يتتبع أحوال المسلمين عامة، والمستضعفين خاصة، يصلهم ويدعمهم ويفرج كربهم. أما في الإدارة فهو حكيم حليم لا يعنف ولا يوبخ ولا يحتقر ولا ينتقص، يعامل موظفيه أحسن من معاملة الوالد لأولاده، ولهذا صار الناس كبارهم وصغارهم لا يخاطبونه إلا بالوالد، حتى النساء يتصلن به ويأخذن بتوجيهاته، ويحرص على إصلاح ما يفسد في البيوت، وهو الذي يكتم أسرار الناس، حتى إذا غضب فإنه يتحكم في أعصابه، فلا يرى عليه أثر الغضب، ولا يغضب إلا لله وفي الله، وليس بحاجة إلى تعريفي، ولكن الذي أحب أن أتكلم عنه هو ظاهرة الانتساب إليه، فقد كثر المدعون كذباً انتسابهم إلى الشيخ، فلا تقابل شخصاً أو تسمع شخصاً إلا قال بأنه من طلاب الشيخ، وهذا بحاجة إلى وقفة جادة وحازمة: لماذا؟ لأن الأخطاء التي تصدر في الساحة، تصدر من أناس كذلك هم ينتسبون إلى الشيخ، ولكن ذلك كذباً وزوراً، ونعرف هذا من خلال استعراض فكر الشيخ وفقهه رحمه الله.

وقال آل إسماعيل: لقد عرفت عن الشيخ ابن باز بأنه متزن ليس مندفعاً، بل حلمه يفوق الرواسي، فلا الحدة ولا الطيش، بل يحسن إلى من يسيء إليه، وكان الشيخ في الفقه حنبلي المذهب، وإذا صح الحديث فهو مذهبه، وفي الساحة من الشباب من يبدأ من حيث انتهى الشيخ مع أنَّ المعروف أن نبدأ من حيث بدأ الشيخ رحمه الله، وفي الحديث الشيخ يحترم الصحيحين، ويأخذ بمنهج السلف في الجرح والتعديل من حيث قبول الحديث أو رده، وهذا مدون في كل كتاباته، ولم يحدث طريقة له في الجرح والتعديل، وكان يرجح في الفقه من يراه راجحاً حسب اجتهاده وهو أهل لذلك، ولكنه يحترم آراء المخالفين، ولهذا تجد نصب عينيه كلمة يرددها وهو قوله:(خروجاً من الخلاف) فهو يراعي هذه القاعدة: وهل هناك أدب أو ورع أشد من هذا.

وفي الساحة من ينتسب إليه ولكنهم أنكروا هذه القاعدة المتفق عليها عند الفقهاء المتقدمين والمتأخرين، فالشيخ إذا أجاب بما يقتنع به ثم قال السائل يا شيخ، ولكن هناك من يقول بخلاف هذا، فإن الشيخ يستدرك ويقول:(لا مانع خروجاً من الخلاف)، وهذا من فقهه – رحمه الله – فهو لا يبطل أقوال الآخرين، أما في التوحيد يقف حيث وقف السلف لا يزيد ولا ينقص ولم يعرف عنه ما يوهم التشبيه أو التعطيل، كما حصل لغيره من بعض المعاصرين.

والشيخ ابن باز – رحمه الله – من أبعد الناس عن التكفير والتبديع والتفسيق أو السخرية بالمخالف أو التعالي، ولهذا فإنه سرعان ما يؤثر على من يناقشه ممن يخالفه الرأي.

أما نصوص الوعيد وهي الأحاديث التي فيها لعن أو طرد من رحمة الله مثل حديث: (لا ينظر الله إلى أشيمط زانٍ ولا إلى عائل مستكبر) أو حديث:(لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء)، فإن الشيخ ابن باز يروي الأحاديث ولا ينزلها على المعين بخلاف الكثير ممن يتصدرون في الساحة وعلى الشبكة العنكبوتية الآن وإذا قيل لهم قالوا نحن من مدرسة الشيخ ابن باز.

وكان الشيخ ابن باز يعتمد على أن الحكمة ضالة المؤمن: أينما وجدها أخذ بها، فقد أعطاه أخي الدكتور الشريف شرف بن علي الشريف كتاب (الغنية للشيخ عبدالقادر الجيلاني) لأني سبقت الشيخ إلى الرياض فأرسل إلى الشيخ الكتاب، ومعه خطاب يتضمن أنه يرغب في أن أقرأ عليه الكتاب كي يحققه – رحمه الله -.

وقال آل إسماعيل: إن الشيخ ابن باز كان له علاقة قوية مع جميع الناس والعلماء خاصة وهو يختلف معهم في مسائل، ولكن هذا لا يمنعه من صلتهم، علاقته قوية بالشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مبارك – رحمه الله -، والشيخ محمد يزور الشيخ حين كان الشيخ رئيس الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، ولما مرض الشيخ محمد زاره الشيخ عبدالعزيز حين كان مفتياً للمملكة زاره في بيته في الأحساء وقَبَّل رأسه، ووجهني بطباعة كتابه (توجيهات دينية ومناصحات فيما يجب على الراعي والرعية (على نفقته الخاصة، وكلفت طباعته خمسين ألف ريال حيث طبع منه عشرة آلاف نسخة، وقال في خطابه الموجه إليِّ: اكتب بأنه طبع على نفقه أحد المحسنين ولا تذكر اسمي.

الشيخ ابن باز، وإن اختلف معك في الرأي فإنه لا يغمطك حقك له – رحمه الله – نقاش ومحاورات مع الشيخ الداعية محمد الغزالي – رحمهم الله – ولكن هذا ما منعه بأن ينقل صفحات من كتابه (مع الله) ليجعلها في آخر كتابه (نقد القومية العربية) وهكذا الإنصاف وهكذا منهج السلف، وأين الذين يدعون أنهم طلاب الشيخ ومن مدرسته وهم يشهرون بالعلماء وبأخطائهم العلمية.

وحين قدم له أحد العلماء (الحزب الأعظم) للإمام ملا علي القاري الحنفي قدم الشيخ للكتاب وطبع بتقديم الشيخ – رحمه الله – وإليكم صورة من التقديم والحزب فيه أوراد موزعة على أيام الأسبوع.

وقد جاء قوم للشيخ ابن باز – رحمه الله – وقالوا بأننا نسب في الصحف ولا ينشر ردنا فأجاب الشيخ بذكاء عجيب إذا أنتم صادقون وأنكم مظلومون فهاتوا ردكم لأتكفل بنشره عندها انسحبوا لأنهم لم يكونوا صادقين.

وتساءل آل إسماعيل قائلاً: أين المنتسبون إلى الشيخ من أخلاق الشيخ – رحمه الله -، فالشيخ يحب جمع الكلمة ولا يفتي بشيء ربما أثار الفرقة حتى وإن كان مقتنعاً به؛ فهذا هو العقل؛ وهذا هو الدين وهذا هو الورع.

وطالب الذين عاصروا الشيخ أو أملى عليهم يتفقون على أنه ممسك بشعرة معاوية في كل أموره، وأنا أدعو من هذا المنبر الإخوة الزملاء الذين كانوا يكتبون في بيت الشيخ إلى الساعة الثانية عشرة ليلاً أدعوهم بأن يكتبوا عن سيرة الشيخ من خلال ما يملى عليهم ومن خلال المكالمات الهاتفية فإنهم أدرى وبالصدق أحرى، وهم: الأخ الدكتور عبدالله بن أحمد الزيد، الدكتور عبدالله بن حافظ الحكمي، الشيخ عبدالرحمن بن عتيق، أما الفقير إلى الله فقد كان عملي القراءة في الكتب، وتحضير أجوبة الشيخ وردوده، وأجوبة نور على الدرب، ورحم الله الشيخ الجليل إبراهيم الحصين، والشيخ محمد الخريف، اللذين كان لهما دور عظيم في ذلك، وقد توفيا في حياة الشيخ.

جريدة الجزيرة الجمعة 30 شعبان 1430   العدد  13476
Friday  21/08/2009 G Issue 13476
http://www.al-jazirah.com/119756/is1d.htm

اضغط هنا لتكبير الصورة

 اضغط هنا لتكبير الصورة

اضغط هنا لتكبير الصورة