قراءة في كتاب الكسب لمحمد بن الحسن الشيباني


قراءة في كتاب الكسب لمحمد بن الحسن الشيباني


قراءة في كتاب الكسب
لمحمد بن الحسن الشيباني
 
كتاب قديم حديث إن صح التعبير فهو فقه الواقع كتاب يتعلق بكسب المسلم بكل أنواعه وشتى طرقه كتاب لم أر مثله ولم أقرأ أحسن منه كتاب نحن في هذا العصر في أمس الحاجة إلى مثله حيث بسط الكلام فيما يحل ويحرم وما هو من باب الورع وتكلم عن الإسراف والتبذير والشح والبخل والتقتير تكلم عن أنواع المطاعم بنفَس الفقيه الذي يعرف واقع عصره وما بعده ومن تأليف الإمام الجليل والفقيه الخطير والمحدث الشهير الإمام محمد بن الحسن الشيباني المولود عام 132 هـ والمتوفى 189هـ أحد كبار أصحاب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان وأحد رواة موطأ الإمام مالك فقد أثنى عليه أهل الحديث وأهل الفقه وأهل اللغة رحمه الله. هذا الكتاب طبع في مجلد متوسط يقع في ثلاثمائة وسبع صفحات الناشر مكتبة المطبوعات وهو ممزوج مع شرحه للإمام شمس الأئمة السرخسي صاحب المبسوط رحمه الله المتوفى عام 483 هـ.
          طبع بعناية وتحقيق وتوثيق وتعليق الشيخ العلامة عبدالفتاح أبو غدة رحمه الله.
هذا الكتاب أهداني إياه الأخ الفاضل الفقيه والصديق الصدوق والخل الوفي صاحب السمت وكثرة الصمت إلاَّ فيما ينفع الرجل الكريم الناصح الذي يمشي وعليه هدي السلف فسيماه الوقار والفضل الرجل القدوة واسع الأفق واسع الصدر المحب الحبيب الشيخ العالم الجليل عبدالله بن الأستاذ الفاضل خالد بن حمد الحليبي آل زيد الحنفي كثَّر الله من أمثاله فوالله ثم والله إن مثله لقليل بل ونادر فقد جاورتهم حين عدت من الرياض أمَّا الشيخ عبدالله فقد غمرني بفضله وأفضاله فلا ألتفت يميناً وشمالاً في مكتبتي إلاَّ وأرى كتاباً قد أهداه إليَّ وهو الفقيه الحنفي صاحب الرأي المحمود إن شاء الله فقد عاشرته وجالسته وبعد تفرق المنازل لم يزدد إلاَّ وفاءً وطيباً يفوق كل طيب بارك الله في عمره وفي ذريته. أقول أهداني الكتاب في يوم 14/1/1419هـ ولكن لزحمة مكتبتي وعدم ترتيبها لم أقرأه قراءة استفادة إلاَّ في هذه الأيام قرأته فوجدته الدرة المفقودة والضالة المنشودة لا يسد عنه كتاب وهو يكفي عن أي كتاب في موضوعه وقد اعتنى به الشيخ عبدالفتاح رحمه الله كعادته في تحقيق الكتب فإنه يضفي عليها من الفوائد الشوارد شيئاً تحس أنك تقرأ كتاباً آخر وقد ألحق به فضيلة المحقق رحمه الله رسالة الحلال والحرام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله وهي تقع في آخر الكتاب.
أعود لكتاب الكسب فأقول: لم يصنف مثله في بابه فقد ترجم المحقق للإمام محمد بن الحسن كعادته يترجم ويشفي الغليل.
يظهر للقارئ تمكن الشيخ عبدالفتاح من علم الحديث في التصحيح والتضعيف فلا يخرج عن جادة أهل الحديث المشهورين المعتمدين في التصحيح لا مع المتشددين ولا مع المتساهلين.
ففي ص33 بيَّن المحقق أنَّ ممن كتب عن الإمام ابن الحسن الإمام أحمد بن حنبل كما ذكره الخطيب البغدادي في تاريخه وقد أثنى ابن حنبل على محمد بن الحسن رحمهم الله.
ص39 وقد شهد العلماء للإمام محمد بن الحسن تمكنه في اللغة وممن روي عنه ذلك الإمام أحمد بن حنبل.
في ص75 بدأ المصنف والشارح يذكرون أنَّ الكسب طريق الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وذكر إباحة الكسب وندبه.
من ص93 بدأ بحثاً قيماً وهو أنَّ الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل بالأدلة من الكتاب والسنة.
ص121 تكلم عن مراتب الكسب وأحكامها.
ص163 بدأ حديثه عن الحكمة في تقدير الله تعالى معاش العباد بالأسباب الظاهرة.
ص176 بدأ الحديث في حرمة المخيلة والتفاخر والتكاثر.
ص203 بدأ حديثه عن أنَّ المؤمن يؤجر في الإنفاق على نفسه وعلى أهله وغيرهم.
ص204 تحدث عن الثواب والحساب والعتاب والعقاب على الإنفاق من حيث تعدد وجوهه.
ص234 تحدث عن حكم نقش المسجد بالجص وغيره.
ص239 ذكر جواز التجمل بلبس أحسن الثياب وأجودها.
على العموم هذه نماذج ذكرتها ولكن الكتاب أشمل وأوسع مما ذكرت فقد تضمن أبواباً ومسائل لعل المعاصرين يبحثونها لكونها من فقه الواقع ولكن لما كان الإمام محمد بن الحسن من كبار أصحاب الإمام الأعظم وهو يكثر عندهم المسائل الافتراضية ويكثرون من قول: أرأيت لو أنَّ كذا الخ فهذه المسائل لم تحصل في وقتهم ولكن غالبها وجد الآن فيما يسمى بفقه الواقع إذاً الحنفية سبقوا بفتاوى وحلول المسائل ومشاكل لم تكن في وقتهم ولكنها حصلت فيما بعد وخاصة في عصرنا هذا.
          هذا وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم.     
كتبه خادم أهل العلم

محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل