كلنا عبدالله ووسطيتنا في كل شيء


كلنا عبدالله ووسطيتنا في كل شيء


كلمة حق يجب أن نقولها: شكراً لله سبحانه وتعالى، وعرفاناً بفضل أصحاب الفضل ومواقف خادم الحرمين الملك عبدالله سواء في الداخل أو الخارج، والله إنها رفعت رؤوسنا، بل رفعت رأس كل مسلم يمشي على البسيطة. لِمَ لا ؟ وهو ابن الموحد الملك عبدالعزيز -طيَّب الله ثراه- وهو عقد النظام يعضده ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز.

سياسة اتسمت بالوضوح والصراحة والجرأة في قول الحق وإنكار الذات. ظهر جلياً ذلك في السعي لإراحة المواطن وعدم نسيان حقوق المسلمين في كل مكان، ونصر المظلوم والإنفاق بلا حدود، ولم يحزن إلاَّ الشيطان وجنوده من الجن والإنس { قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ}وهكذا الأحرار مع رزانة تفوق رواسي الجبال بعيداً عن المساجلات والمهاترات، وإذا أردنا أن يكون عبدالله مثل أبي بكر فلنكن مثل علي.

فما بقي إلاَّ أن نكون واضحين دعاة ومعلمين وخطباء ومرشدين، فلنرشد الصحوة لأننا مسؤولون عن انحراف بعض شباب الصحوة، نعم، نحن مسؤولون وليس لنا عذر، فكلمة أو إشارة أو سكوت أو ابتسامة تحمل في طياتها معاني التهييج أو التهدئة والشباب هو الشباب في حدته.

فالشباب الذي نشأ في بيئة محافظة لها سابقة علم أو ثقافة؛ فالغالب عليهم الاتزان لكن الذي يخشى منه ويخشى عليه إذا تُرك وأُهمل أو سُكت عن التصرفات التي تمثل الشرارة التي هي أصل النار والحريق فبعض الشباب قد يكون نشأ في ضياع أو إهمال أو جهل وربما كان منحرفاً بعض الشيء ثم يتأثر بالصحوة، ولكنه يرجع على حد الإفراط والتفريط من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، فيتشدد في جميع أحواله، ثم يطالب الناس أن يكونوا مثل حال أبي بكر وعمر والخلفاء، وهذا من المحال فإنَّ هذا (الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلاَّ غلبه) وربما أفرط حتى وصل إلى حد الغلو والتنطع، وهذا ضحية من حوله ممن عندهم علم ولكنهم بخلوا عليه بالتوجيه والنصح، أو أنه فوجئ بشخص من الداخل أو الخارج في قلبه مرض فيسلك به سلك الخوارج.

أذكر حين كنا في أول الطلب كنا نعيش متسامحين، وكان الناس يفرحون بالشاب المتدين حيث تظهر عليه علامات الوقار والسماحة والتواضع وإنكار الذات وحسن الظن في الناس لأنَّ الله وحده هو الذي يتولى السرائر، فتجد الشباب الصالحين في الحي الواحد أو في المسجد بينهم وبين بقية الناس انسجام واحترام وحرص على تحصيل العلم وأخذه عن أهله.

ولكننا فوجئنا منذ فترة بتغير الحال، فأصبح بعض الشباب المتدينين فيهم غلظة وجفاء وتكبر واحتقار الآخرين عامة وعلماء، وأصبحت وجوههم مكفهرة مقطبي الحاجبين يرون أنَّ الناس كلهم الآن في جاهلية، وعلى سوء معتقد حتى إذا دخلوا المساجد تجد بعضهم يكاد يغطي وجهه حتى لا يرى من عن يمينه، ومن عن يساره ولا يسلم ولا يرد السلام، وربما التفت يمينا وشمالاً في الشارع لينكر المنكر لأنه يرى كل من حوله على منكر، وإن كان له جيران فهو يتابع بدقة متناهية حركات جيرانه متتبعاً عوراتهم ويرى أن الناس ليسوا على شيء وفي كل شيء؛ فإنه يطالب بالدليل الذي هو يعرفه لا ما يعرفه الآخرون هذا وهو جاهل جهلاً مركبا، وتجد في الصلاة مبالغة في مد الظهر في السجود وتجد مباعدة بين الرجلين حتى يكون على شكل ثمانية مما يسبب إيلام أقدام المصافين له، بينما هناك بعد بين المناكب وكذلك التشدد في السترة، كما بين ذلك كله شيخنا صالح آل فوزان في كتابه الملخص الفقهي ص105 طبعة دار ابن الجوزي فجزاه الله خير الجزاء.

أقول هذا إذا انضم إليها ما سبق وربما خرجت بصاحبها إلى التنطع ثم تضليل الناس وتبديعهم؛ لأنَّ هذا هو مبتدأ العزلة عن الناس ثم نقد كبار العلماء ثم نقد الأوضاع ثم التكفير والخروج من السنة إلى الخوارج، أقول: هذه مسؤولية كل داعية وأستاذ، لماذا ؟ لأنَّ هؤلاء لو اتفقت الكلمة على الإنكار عليهم ظاهراً وباطناً لما تحول بعضهم إلى خوارج يستبيحون الدماء المعصومة، ولكن لا بد أنَّ هناك من يغذيهم خاصة في هذا العصر من أجل إعاقة النهضة الإصلاحية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين ومعه نائبه صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز.

 
كتبه خادم أهل العلم

محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل

* نشر في جريدة الجزيرة الأثنين 21 صفر 1430   العدد  13290

(على موقع الجريدة)
Monday  16/02/2009 G Issue 13290
http://www.al-jazirah.com/156332/rj14d.htm
وفي النسخة الورقية
الثلاثاء 22 صفر 1430   العدد  13291
Tuesday  17/02/2009 G Issue 13291