لا أرى لا أسمع لا أتكلم


لا أرى لا أسمع لا أتكلم


لا أرى لا أسمع لا أتكلم

هذا شعار عزيز جداً هناك رجالٌ يعبر عنهم بالصناديق المقفلة التي ألقيت مفاتيحها في البحر ولا يوكل السر إلا إلى رجالٍ أخفياء وحين كلف سيدي الوالد رحمه الله لمهام تتعلق بالناس ومنها التولي على عدة أسر نجدية وأحسائية أيتام وأرامل ولهم وعليهم معاملات مالية استعان سيدي الوالد برجلين يكتبان ما يتعلق بما أنيط إلى الوالد ، الأول: العم الشيخ أحمد بن محمد آل عبداللطيف. والد الشيخ الفاضل عبدالرحمن والذي أشار به لسيدي الوالد هو عمه وأبو زوجته الشيخ الجليل / محمد بن أحمد آل عبداللطيف قاضي المستعجلة ونائب قاضي الأحساء الشيخ سليمان بن عبدالرحمن العمري رحمه الله والعم الشيخ أحمد هذا رجلٌ عصامي قليل الإختلاط بالناس وله خبرة تامة بإصلاح الآلات عامة والساعات خاصة وتميز في مشيته بأنه لايرفع بصره عن الأرض ، أنا في السنة الثالثة ابتدائي وكنا في شهر شعبان وكنا نستعد آنذاك  لشهر رمضان بالقرآن الكريم وبالعُلاقة البقشةلتحفظه عن الغبار وعن تمزق أوراقه وبالسواك وقال سيدي الوالد للعم أحمد نبغي للابن محمد  ساعة لإقبال رمضان وكنا نمشي قبل أذان الظهر قريباً من الشارع الذي في الرقيقة المسمى شارع حرض في أيام الصيف نمشي على أقدامنا ونحمل مظلات شمسيةبأيدينا فرد العم أحمد سوف نأخذ له ساعة مستعملة فإذا أتقنها أخذنا له جديدة وفعلاً اشترى ليساعةسيتيزنسوداء ولما جاء شهر شعبان السنة التي بعدها اشترى لي ساعة نفس الماركة بميناء أبيض اللون حيث طلبت من سيدي الوالد هذا وتخيلوا كيف فرحت بها أرى عقاربها وأنا ملتحف بلحافين من شدة البرد الذي جمد الماء في رمضان آنذاك في الأنانيب ، الشاهد أنَّ هذا الرجل يجلس مع سيدي الوالد وفي المجلس عددٌ من رجال البادية والقبائل المتحضرة من الرأي والحكمة والمشورة فيتكلمون ويتحدثون  والعم أحمد مطرقٌ لايشاركهم الحديث حتى يقال له مارأيك أو أعطنا رأيك أو لماذا لَمْ تشارك عندها يبدأ يتحدث وكله سكينة ووقار .

٢/ أما الرجل الثاني فهو الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز آل إسماعيل وهو ابن عمتي فسيدي الوالد خاله وهو الذي رباه وشعاره كذلك (لا أرى لا أسمع لا أتكلم) هذا الرجل المكافح وهو والد خليفة وعبدالملك وعبدالمنعم ومنصور ومحمود ويحيى وعبدالرحمن وقد توفاه الله في ١٤١٨/١٢/٩ هـ  بعدما عانى من مرض السرطان رحمه الله هذا الرجل ذهب في أول حياته إلى الخرج أيام كانت الخرج فيهاالمشاريع الزراعية الضخمة فكانت فيها نهضة زراعية وحيوانية وكانت خيراتها تصل إلى جميع أنحاء المملكة وفي مقدمتها البطيخ الأحمر(الجح) أو الحبحب ذهب متعلماً ومعلماً ثم رجع إلى الأحساء وانتظم في مدارس ارامكوا بالترشيح لأن مدارس أرامكوا كانت لها وفيها ميزات وليس كلٌ يحصل على التعليم فيها فعلم فيها وفي نفس الوقت كان يقدم سنوياً إمتحاناً في الجامعة الأمريكية في بيروت وتقاعد مديراً رحمه الله اشتهر بحفظ الأسرار فلا يقول قال فلان ولا قال فيك فلان  ولا يستطيع أحدٌ أنَّ ينسب إليه ما لا يقله كما هي حال الناس في نقل الكلام والنميمة والكذب والوشاية فقد تميز بصمته وسعت صدره وحكمته ولقد كان له دور لا يمكن أنَّ أنساه فقد كان يبدي لي النصح سراً ويحذرني مما يكاد لي وكان بينه وبين والدتي رحمهم الله إحترامٌ متبادل مع ثقة وهذا الرجل كان سيدي الوالد يعتمد عليه في كتابة سره فكان يمضي الساعة والساعتين ووالدي يملي عليه وهو يكتب بصمت وإن تكلم في المجلس تكلم بما يسر فإذا جاء كلام في الناس توقف أو قام وترك المجلس هذا الرجل إذا خرج من عند والدي وهو جار لنا ونصلي في مسجدٍ واحد فيقابله الناس ربما سألوه عن والدي فيرد عليهم السلام ويبادلهم التحية ولكنه لايجيب على سؤالهم أخذا بقاعدة ( لاأرى لا أسمع لا أتكلم ) رحمه الله رحمةً واسعة وقد عرف عنه بمتابعة الحج والعمرة ومساهمته في حب الخير الذي لايعلم عنه إلاّ الله وتوفاه الله وهو إمام لمسجد (عرمان) الذي في الرقيقة رحمه الله رحمة واسعة،،،آمين.