البشر في طبيعتهم محل نقص وذلك لتفاوت القدرات العقلية والمواهب الربانية وكمال البشر بعدم كمالهم ولكن يكمل بعضهم بعضاً ((فالمؤمن مرآة أخيه)) أو كما ورد في الحديث الشريف والبشر تحت النقد ولا معصوم إلاَّ من عصمه الله ومن محاسن هذه الأمة أنها لا تسكت على باطل ولا ترضى بالظلم ففي الحديث ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)) وإذا وقعت عليَّ مظلمة فلا مانع من الشكوى بإظهارها لقوله تعالى: ((لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلاَّ من ظلم)) فأقول بأنَّ فلاناً ظلمني ولكني لا انتصر لنفسي فمن عفى وأصلح فأجره على الله والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس أمَّا إذا كان الظلم لم يقع عليَّ شخصياً فعليَّ بالتورية والتلويح لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما بال أقوام)) وبذكر الأمثلة التي يتنبه لها الذكي ويصحوا بها الغافل دون ذكر شخص بعينه لأنك تريد الإصلاح وتريد رفع الظلم عن الآخرين وتريد التنبيه على التلاعب بحقوق الآخرين.
لكننا في هذه الأيام فوجئنا بكتابات ومؤلفات ظهرت باسم النقد الأدبي وإذا تأملتها وجدتها بعيدة كل البعد عن النقد حيث اتخذت صفة التجريح والقدح والتنقص بل والتدخل في شؤون الآخرين باسم النقد مما كان له عظيم الأثر في إثارة الأحقاد عند قوم وإثارة حفيظة عند قوم وإحباطات عند قوم سواء كان النقد لرموز أو لأتباع لهم.
أنشطة غير طبيعية تظهر في ما يسمى مؤلفات بينما تظهر كتابات ومؤلفات طابعها تهميش الآخرين وإنكار جهود ظاهرة للعيان مثل الشمس وتمجيد الذات والأسرة وذكر تاريخ لها مبني على أوهن من بيت العنكبوت وفي الحديث ((المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)) ومع ذلك فلا يجوز أن نعير أحداً وإذا تتبعت بالاستقراء هذا الخلل وجدته ناتجاً عن حسد عند من يرى أنه استحق فلم يعط وقسماً ناتجاً عن سوء في التربية نشأ عنده سوء السلوك وقسماً تجده انتقاماً لتزاحم على مركز أو وظيفة أو خلاف على تكافؤ في النسب فأورث أحقاداً أظهرت ما في الصدور على السطور وقسماً نشأ عن عجز عن مسايرة الركب وقسماً وهو أحقرها وأخسها وهو الشماتة والتشفي وهذا لا يصدر عن شخص نشأ نشأة كريمة ولا تربى على الفضيلة وفي المثل لا تزال الأشراف تبتلى بالأطراف فالتشفي والشماتة ليست من عادات العرب بل ذموها وحرمها الإسلام فهي صفة رذيلة لا يأتيها إلاَّ أراذل الناس فالمسلم الحق أعني المسلم الحرَّ هو الذي يفرح للآخرين ولا يعيش في مصائب الناس ولا يشمت بهم بل حتى وإن اختلف معهم فعليه إنصافهم ولكن ماذا نقول والحطيئة رحمه الله وغفر له لم يسلم منه أحد بل وهجا نفسه وإنني من هذا المنبر أناشد معالي وزير الثقافة والإعلام بتشكيل لجان تتبع المؤلفات التي خرجت عن خط النهج العلمي في النقد إلى القدح في الناس دون وجه حق لأنَّ هذه اللوثات كلها مبنية أساساً على شعور بالنقص وتشفياً وشماتة وانتقاماً وليس لها مجال في النقد العلمي الهادف هذا والله من وراء القصد.
كتبه خادم أهل العلم
محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل
* نشر في جريدة الجزيرة السبت 10 جمادى الأول 1431 العدد 13722
Saturday 24/04/2010 G Issue 13722
http://www.al-jazirah.com/20100424/cu4d.htm
Saturday 24/04/2010 G Issue 13722
http://www.al-jazirah.com/20100424/cu4d.htm