من الشمائل المحمدية (حسن الخلق)


من الشمائل المحمدية (حسن الخلق)


من الشمائل المحمدية (حسن الخلق)
 
قال الله تعالى: ((وإنك لعلى خلق عظيم))
هذا ما وصفه به والله جل جلاله.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق))
وقالت عائشة رضي الله عنها: (( كان خلقه القرآن))
قال البيضاوي رحمه الله: ((أي جميع ما حصل في القرآن فإنَّ كل ما استحسنه وأثنى عليه ودعا إليه قد تحلَّى به وكل ما استهجنه ونهى عنه تجنبه وتخلَّى عنه)).
          فهو صلى الله عليه وسلم أحسن الناس في كل الميادين وفي التعامل مع الناس.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((البر حسن الخلق))
وفي الحديث ((حين يرى المسلم المرآة يقول: اللهم كما حسَّنت خلقي فحسن خلقي))
قال أنس رضي الله عنه: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلُقا)) متفق عليه.
          وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)).
          وروى الترمذي عن عبدالله بن المبارك رحمه الله في تفسير حسن الخلق قال: هو طلاقة الوجه،وبذل المعروف،وكف الأذى.
إذاً ما بالنا نسيء أخلاقنا لماذا نقابل الناس بعدة وجوه حسب المصلحة أو كما قالوا لماذا نعيش بأخلاق تجارية تتقلب حسب المصلحة لماذا نقابل الآخرين وكأننا ننفق عليهم إذاً لماذا التكبر على عباد الله ولماذا الصعر أمام الفقراء يا عباد الله لماذا يخالف عمل الداعية قوله لماذا خطيب المنبر لا يلتزم بهذا لماذا لا يجاهد نفسه لماذا التقطيب.
          ففي الحديث لا يحقرن أحدكم من المعروف شيئاً حتى ولو أن يلقى أخاه بوجه طلق وفي رواية طليق.
أليس رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا أو ليس لنا في رسول الله أسوة حسنة.
          لماذا نرى كثيراً من طلبة العلم وجوههم مكفهرة عليها العبوس واحتقار الناس لماذا لا نجاهد أنفسنا حتى يكون حسن الخلق لنا سجية.
          لماذا إذا قابلنا من لنا عندهم مصالح دنيوية انحنينا بكل ذل وخضوع أليس الله يقول: ((يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون)) لماذا بعضنا يتمسكن ويظهر التواضع ولين الجانب ثم إذا تمكن تحول إلى مسخ في تعامله مع الناس وكأنه يأخذ بما شاع عند الناس ((تمسكن حتى تتمكن)).
          إذا افتقدنا حسن الخلق فماذا يبقى عندنا وما هو معيار الفضيلة عند بعض من يدعو إلى الفضيلة وهو خلو منها إذا افتقد طالب العلم طلاقة الوجه،وبذل المعروف،وكف الأذى فماذا يبقى عنده من رصيد خيري.
فالله جلَّ شأنه قال مخاطباً الحبيب صلى الله عليه وسلم ((فبرحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك)).
والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إذا لم يكن محمد صلى الله عليه وسلم قدوتنا فبمن نقتدي فإذا كنا نحبه حقاً فلنتواضع للفقير والمسكين والضعيف ولنبذل المعروف ولنكف الأذى عن الناس فهذه بعض الشمائل المحمدية يا محبي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
          كم نرى من متحدث عن خلقه على المنابر وفي الحلقات والدروس ولكننا نرى سوء خلق وجفاء وتكبراً واحتقاراً للضعفاء والمساكين.
          كم سمعنا من يقرأ عن كرمه صلى الله عليه وسلم ولكننا لا نرى إلا بخيلاً شحيحاً جماعاً للمال وكم سمعنا ممن يحثنا على كف الأذى بينما لسانه مطلق يجرح هذا ويحتقر هذا فلماذا هذا التناقض فلماذا نقرأ شمائل الحبيب صلى الله عليه وسلم ولكننا لا نلتزمها ولا نجاهد أنفسنا عليها أين المصداقية في حسن التعامل.
          لقد خدمه صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك عشر سنين ولم يقل له لشيء لم يفعله لمَ لمْ تفعله ولم يقل لشيء فعله لم فعلته ونحن الآن نغضب لأدنى سبب على الخادم والخادمة وعلى الموظف.
كثير من الوعاظ والخطباء والعلماء تجد فيهم كبراً وتيهاً وإعجاباً واحتقاراً للآخرين وربما نهوا عن القيام للقادم ولكن إذا حضر من هو على مشربهم قاموا له وعانقوه وأكرموه،أليس هذا يتنافى مع أخلاق صاحب الشمائل صلى الله عليه وسلم فلماذا أيها المعلم قسمت المجتمع إلى قسمين ولماذا لا تنصف الناس من نفسك وهب أنَّ الذي عبست في وجهه ترى أنه على خطأ أو ليس من أهم مهماتك هو علاجه وذلك بالتقرب إليه بلين الجانب ليثق فيك أنت داعية أم جلاد فأين أثر شمائل الحبيب صلى الله عليه وسلم فيك وإذا وفقك الله وحصلت على فرصة من فرص الدنيا فلماذا تكون إقصائياً ولماذا تفترض بأنَّ لك أعداءً فأين شعرة معاوية منك ولماذا تحرص على أن تخسر الناس إلاَّ من هم على شاكلتك وعلى مشربك أقول اتق الله وأمدد يدك لإخوانك في الله مادمتم في دائرة الكتاب والسنة فإنك إن بقيت على سلوكك فإنك والله على خطر عظيم وأنصحك إن كنت قاضياً أو مفتياً أو داعية أو محاضراً أو معلماً أو مديراً أن تكثر من قراءة شمائل الحبيب صلى الله عليه وسلم.

          اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدنا لما اختلف فيه من الخلق إنك تهدي إلى صراط مستقيم.

كتبه خادم أهل العلم

محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل

* نشر في جريدة الجزيرة الجمعة 07 جمادىالآخرة 1431   العدد  13749
Friday  21/05/2010 G Issue 13749
http://www.al-jazirah.com/20100521/is10d.htm