قراءة في الشروح والتعليقات التي على زاد المستقنع


قراءة في الشروح والتعليقات التي على زاد المستقنع


كتاب زاد المستقنع كتاب مشهور معروف مألوف لدى كافة الحنابلة بل وعند غيرهم فهو مختصر لكتاب ((المقنع)) والمقنع معروف بأنه على روايتين تأليف شيخ المذهب الإمام موفق الدين ابن قدامة المتوفى رحمه الله عام 620هـ وزاد المستقنع من تأليف الإمام المحقق الشيخ موسى بن أحمد الحجاوي رحمه الله المتوفى عام 968هـ بدمشق لما ألف الزاد اعتمده الحنابلة وخدموه بخدمات جليلة وماذاك إلاَّ لغزارة علمه وقوة سبكه حيث صار مفتاحاً لكتب المذهب ومدخلاً للمذهب فهو مضغوط جداً فبقدر ما خدم بالشرح والحواشي فهو لا يزال فيه مجال للخدمة وجاءت قيمته كذلك لأنَّ مؤلفه هو مؤلف الاقناع وشارح منظومة الآداب الصغرى لابن عبدالقوي وهو مؤلف حواشي التنقيح وجاءت قيمته كذلك لأنَّ شارحه هو شارح كتب المذهب المعتمدة عند المتأخرين فشارحه الإمام منصور بن يونس البهوتي المولود عام 1000هـ والمتوفى عام 1051هـ بل هو الشرح الوحيد له وكتابه الروض المربع شرح زاد المستقنع ولم يشرح بعده إلاَّ في هذا العصر وهو كذلك شارح كتاب الإقناع بكشاف القناع عن متن الإقناع وهو شارح المنتهى وله حاشية على الإقناع وحاشية على المنتهى وله كتاب مختصر في المذهب هو عمدة الطالب الذي شرحه العلامة عثمان بن أحمد النجدي المتوفى رحمه الله عام 1097هـ وشرح على منظومة الآداب الصغرى حققها الدكتور عبدالسلام الشويعر ولكنه وهم فظنها منظومة واحدة والحق أنهما منظومتان الكبرى شرحها السفاريني بكتابه غذاء الألباب والشرح الثاني شرح شيخنا الشيخ صالح الفوزان سلمه الله ((إتحاف الطلاب)) واهتم به الحنابلة أيما اهتمام خاصة حنابلة مصر والبصرة والزبير من بلد العراق وفي الأحساء والخليج واعتنى به آل فيروز ومدرستهم واعتنى أهل نجد خاصة اليمامة أعني جنوبي نجد الرياض وما جاورها والتي مركزها مقرن ومعكال جنوبي الرياض آنذاك واهتمت به مدرسة آل مشرف ومنهم آل الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله إلى وقتنا الحاضر وهو مقرر في المعاهد العلمية ولا يعرف الحنبلي إلاَّ بعنايته بزاد المستقنع فهو كتاب مبارك نظمه فحول العلماء واعتنى به الفقهاء والمحدثون بل ممن نظمه نظماً رائقاً عذباً العلامة الفقيه الشيخ سعد بن حمد بن عتيق الذي انتهى إليه علم الإسناد في نجد.
وشرحه النفيس ((الروض المربع)) اسم على مسمى والإمام البهوتي لم يكن متهالكاً على الدنيا ولم يكن جماعاً للمال لا بل كانت تأتيه الأعطيات فيفرقها على طلبته والحاضرين درسه وهكذا العلماء الربانيون وشرحه هذا مقرر على طلاب كلية الشريعة فمن أتقنه أتقن المذهب وعرف كيف يرجع إلى كتب المذهب فهو ميزان يعرف به الحنبلي الباحث بُعده من قربه من المذهب لأنه كثر المدعون الانتساب إلى المذهب الحنبلي ولكني لا أرى الفوضى في الفقه والفتوى في هذا العصر إلاَّ من المنتسبين إلى هذا المذهب الجليل وذلك لأسباب منها:
1-عدم وجود المرجعية الحنبلية كما كان في عهد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ.
2- كل يدعي الاجتهاد وكل يدعي العمل بالدليل حتى صار كل طلاب كلية الشريعة مجتهدين دعك من المدرسين وممن يحملون الشهادات العليا فتجد في مؤسسة واحدة أربعة مدرسين يدعون أنهم حنابلة ولكن لكل واحد طريقة في فهم الفقه وفي الحقيقة كلهم ليسوا حنابلة فنسأل الله أن يكشف هذه الغمة التي أوصلتنا بأن يفتي غير المختصين بل صارت تطبع كتب باسم فاعلي خير مكتوب عليها مكتبة طالب العلم تجد فيها كتاباً في التفسير وكتاباً في الحديث وكتاباً في التوحيد وكتاباً في السيرة ولكنك لا تجد فيها كتب فقه إذاً كيف تكون مكتبة طالب العلم أي علم هذا وهو بلا فقه بل صار الذين يفتون مصادرهم كتب الحديث فقط
أعود إلى بيت القصيد
فأقول: إنَّ كتاب زاد المستقنع طبع عدة طبعات طبعة عليها تعليقات خفيفة لشيخ مشايخنا الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن بشر قاضي الأحساء رحمه الله وقد وهمت في كتابي اللآلئ البهية في كيفية الاستفادة من الكتب الحنبلية الناشر المعارف الرياض 1408هـ حيث قلت : عبدالعزيز بن ناصر وإنما هو عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله
أقول هي حاشية خفيفة ولكنها نفيسة طبعت في المطبعة السلفية في القاهرة على نفقة الوجيه الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل قصيبي والد الدكتور غازي وأنا أحيل القارئ إلى كتابي اللآلئ البهية في كيفية الاستفادة من الكتب الحنبلية الناشر مكتبة المعارف في الرياض عام 1408هـ ولقد لقي هذا الكتاب أعني اللآلئ البهية قبولاً ولله الحمد عند العلماء والفقهاء الناصحين الناضجين ممن سلمهم الله من الحسد ومنهم الشيخ الجليل الدكتور بكر بن عبدالله أبو زيد القضاعي رحمه الله وغفر له حيث اعتمد كتابي وجعله أصلاً لكتابه الكبير المدخل المفصل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل حيث قال في مقدمة المجلد الثاني في حديثه عن كتب المذهب قال مانصه في ص611 ، 612 ((وفي الباب اللآلئ البهية في كيفية الاستفادة من الكتب الحنبلية للشيخ محمد بن عبدالرحمن بن إسماعيل الأحسائي وفيه فوائد حسنة وبالله التوفيق)) انتهى وحصل وهم للشيخ حيث قال ابن إسماعيل الأحسائي وأنا لم أكتب الأحسائي فالأحسائي ليس نسباً إنما هي وطن إنما أنا ((محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل)) كما هو مكتوب على غلاف الكتاب وهذا من تواضعه جزاه الله خيراً.
ومرت على الناس فترة بعد وفاة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله عام 1389هـ كادوا أن يتركوا التحنبل كلياً ولكن في هذه الأيام بدأ الناس يرجعون خصوصاً لما رأوا الاستقرار والثبات والهدوء عند المنتسبين إلى المذاهب الأربعة حيث سلمت المؤسسات المؤصلة من الفوضى التي ربما خرجت بأصحابها حتى عن منهج أهل السنة في الولاء والبراء.
أقول بدأ الناس يرجعون وبدأنا نتفائل حيث بدأت تخرج دراسات حول كتب المذهب ومن تلك الجهود جهود أخينا في الله الشيخ محمد بن عبدالله الهبدان وفقه الله حيث خرج زاد المستقنع في ثوبه القشيب الناشر دار ابن الجوزي عام 1427هـ وقد حلاة المحقق جزاه الله خيراً بقول الحريري رحمه الله
أن تجد عيباً فسدَّ الخللا
                   قد جل من لا عيب فيه وعلا
مجلد متوسط في 420 صفحة ويظهر أن المحقق جزاه الله تعب فيه وقدم له الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالعزيز آل عقيل سلمه الله
تصفحت المقدمة والتعاليق ورأيت من باب التعاون على البر والتقوى إبراز بعض النقاط التي هي بحاجة إلى مراجعة فأقول وبالله التوفيق:
ص6 ذكر للحجاوي شرح القصيدة الدالية
أقول: شرح المنظومة الصغرى كما نص في مقدمة شرحه فهي تقع في حوالي خمس الكبرى وقد حققها الشيخ نور طالب الناشر دار النوادر دمشق وحققها قبله الدكتور عبدالسلام الشويعر ولكنه وهم فظنها هي الكبرى فأقول من أراد التأكد فليقارن بين الأبيات والمواضيع ويرى مصداق ما ذكرته.
ص11 في عده شروح الزاد
ذكر الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله الشرح الممتع.
أقول: هذا خرج عن كونه شرحاً للزاد بل يكاد يكون شرحاً للمذهب وغيره حيث توسع فيه توسعاً يخرجه عن كونه شرحاً للزاد حيث بلغ خمسة عشر مجلداً والزاد يقع في صفحات لاتتعدى مائة الصفحة دع عنك طبعات المتأخرين فالزاد ألف ليحفظ ثم إن الشيخ رحمه الله كثير الخروج على المذهب وحتى على قواعد المذهب وسلك مسلك المجتهدين لا أقول مجتهد المذهب بل سلك مسلك المجتهد المطلق ورد على المذهب فلو ألف الشيخ مؤلفاً مستقلاً لكان أنفع من طريقته هذا وقد نبهت على نقاط في شرحه أسأل الله أن يعييني على إخراجها
أمَّا شرح شيخنا الشيخ صالح بن فوزان آل فوزان سلمه الله فقد جاء خلاصة وسماه الشرح المختصر طبع في أربعة أجزاء الناشر دار ابن الجوزي ومن تواضع الشيخ صالح سلمه الله أنه في المقدمة أحال من أراد التوسع على شرحه الروض المربع للبهوتي وهذا من تواضعه ونصحه وإلاَّ فإنَّ لشرحه نكهة وحلاوة تختلف عن الروض وقد طبع في أربعة أجزاء متوسطة وللشيخ كذلك سلمه الله على قسم المعاملات إلى آخر الكتاب تعليق لطيف تحت اسم الإرشاد حيث شرح الشيخ صالح البليهي رحمه الله القسم الأول وشيخنا شرح القسم الثاني وهذه النسخة كانت مقررة على طلاب المعهد العلمي لكن حصل خطأ وهو أن باب الحيض لم يذكر في العبادات على أنه سيذكر في القسم الثاني ولكن هذا لم يتم فطبع الكتاب دون باب الحيض.
ولشيخنا كذلك الملخص الفقهي في مجلدين استقى مادته من الزاد وشرحه الروض ومن حاشية الشيخ ابن قاسم رحمه الله. فهي خلاصة وزبدة.
ص12 ذكر المحقق حاشية الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم رحمه الله على الروض أقول: هي بلا شك نفيسة ولكن فيها أنَّ الشيخ يبتر الكلام غالباً ثانياً الشيخ لا يحيل إلى المراجع هذا مع نفاستها.
ص13ذكر المحقق ممن نظم الزاد الشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله وذكر بأن الشيخ عبدالرحمن بن سحمان أتمها
أقول: هذه المنظومة نفيسة جداً جداً ولكن ابن سحمان لم يتممها وإنما عارضها باختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فالإتمام إضافة الناقص أو السقط إنما ما أضافه ابن سحمان فإنه كتاب آخر يمثل اختيارات الشيخ تقي الدين رحمه الله وطبع النظم من تحقيق أخينا في الله الشيخ الفاضل إسماعيل بن سعد بن عتيق جزاه الله خيراً فعلى الباحث أن يرجع إلى كتابي ((اللآلئ البهية في كيفية الاستفادة من الكتب الحنبلية)) ص20 المطبوع عام 1408هـ الناشر المعارف في الرياض.
ص17 في كلام المحقق عن مزايا المذهب الحنبلي وهو ينقل عن كتاب الشيخ بكر أبو زيد المجلد الأول آنف الذكر أهمل مزية له ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة القواعد النورانية: وهي الجمع بين الدليلين وإعمالهما لا إلغاء أحدهما ما دام الجمع وارداً فيعمل بالدليلين هذا في موطن وذاك في موطن وهي أصح الطريق بخلاف من يلغي الدليل الآخر بحجة أنه ما صح أو منسوخ أو بالتجاهل
وبالرجوع لبعض المسائل ومنها الوضوء مما مسته النار يقول بالنسخ موافقة للجمهور ولكنه يعمل بحديثي نقض الوضوء من أكل لحم الجزور.
2- يقول بالانصات في القراءة حين يقرأ الإمام وبالقراءة حين يسكت الإمام وهذا عمل بالدليلين.
3- ويعمل بعدم الوضوء بما خلت به المرأة وبالوضوء في عدم الخلوة وهذا عمل بالدليلين.
4- وينهى عن يوم الشك موافقة للجمهور ويصوم في الاغمام للدليل الآخر وهكذا يعرف هذا من مارس الفقه الحنبلي وهذه من خصائصه.
في ص18 ذكر أن من أول من كتب في أصول المذهب الحسن بن حامد المتوفى 403 وهو ينقل من المدخل للشيخ بكر
أقول: نعم له كتاب تهذيب بين الأجوبة طبع في مجلدين.
ص19 في قولهم رواه الجماعة: انظر حاشية اللبدي على دليل الطالب تحقيق الدكتور محمد بن سليمان الأشقر.
ص20 في ذكره اصطلاحات مشايخ المذهب في قول: إذا قالوا: ابن تيمية ، تقي الدين الشيخ شيخنا: فهو في حق شيخ الإسلام ابن تيمية
أقول: هذا ليس على إطلاقه فالشيخ عند المتقدمين يعنون به ابن قدامة شيخ المذهب أما شيخنا: فهذه خاصة بالإمام ابن مفلح في كتابه الفروع إذا قال شيخنا فيقصد به الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله.
ص21 في ذكره ابن البناء
أقول: هذا شرح الخرقي بكتابه المقنع طبع في أربعة أجزاء ولكنه يخرج عن المذهب كثيراً.
وفي النسخة المطبوعة نقص وخروم كثيرة.
في نفس الصفحة قال: وإذا قيل الشيخان فالموفق والمجد
أقول: ليس هذا على إطلاقه ولكن الموفق في الكافي ومجدالدين في المحرر فقط.
ص30 في ذكر المشاهير من علماء نجد وهو ينقل عن كتاب الشيخ بكر رحمه الله
أقول: نسي اثنين اشتهرا أيما اشتهار الأول: الشيخ سليمان بن علي بن مشرف جد إمام الدعوة رحمهم الله المتوفى 1079هـ وهذا له فتاوى مفرقة جمعتها وعلقت عليها و الناشر المعارف عام 1406هـ
والعالم الثاني عثمان بن قائد النجدي المتوفى في القاهرة عام 1097هـ
نفس الصفحة قال في الحاشية عن مطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى قال: وهي من الكتب المنتقدة
أقول: لمَّا ألف الشيخ مرعي الغاية وأرسل منها نسخة إلى حنابلة نجد ادعى بعضهم أنه خرج فيها عن المفتى به عند المتأخرين حيث انتقدوا اتجاهاته حتى جاء الشيخ الفقيه أحمد بن حسن الشطي فعمل حاشية منحة مولى الفتح في تجريد زوايد الغاية والشرح وبين أن المؤلف لم يخرج عن المذهب المفتى به وبعد انتهى. انظر اللآلئ ص42.
ص31 في معرفة البيوت الحنبلية: وهو ينقل عن الشيخ بكر رحمه الله عد آل قدامة
أقول: ويتفرع منهم آل عبدالهادي ومن البيوت الحنبلية كذلك آل مشرف في نجد وآل عفالق في الأحساء ونجد وآل فيروز في الأحساء ونجد والبصرة والزبير والزبارة وآل عتيقي في نجد والمدينة والزبير والبصرة والأحساء والكويت.
ص31 في ذكر الذين تحولوا من مذهب إلى مذهب الحنابلة عد الشيخ عبدالقادر بن بدران ولكن محقق ديوان الشيخ نور الدين طالب أكد على حنبلية أسرته انظر ترجمته في مقدمة ديوانه الناشر دار النوادر دمشق.
ص32 في ذكر الحواشي: أقول أعظم خدمة على الفروع هي تصحيح الفروع للإمام المرداوي رحمه الله مطبوع معه على نفقة الشيخ علي آل ثاني رحمه الله.
ص33 في نقله كلام الشيح بكر أن حاشية العنقري ليست له إنما هي لتلميذه الشيخ محمد بن عبدالله الخيال رحمه الله
أقول: الصواب الشيخ محمد بن عبدالمحسن الخيال رحمه الله.
في نفس الصفحة في ذكر المنتهى قال:
منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات.
أقول الصواب في جمع المقنع مع التنقيح فهو جمع لا مقارنة
ثم في ذكر شروحه قال: البهوتي شرح المنتهى استمده من شرح المؤلف للشيخ مرعي ((غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى))
أقول: الصواب أن البهوتي استمد شرحه من شرح المؤلف وهو محمد بن أحمد بن عبدالعزيز النجار رحمه الله المتوفى 972هـ
وشرحه((معونة أولي النهى شرح المنتهى)) طبع في تسعة مجلدات بتحقيق الدكتور عبدالملك بن عبدالله بن دهيش
أما الشيخ مرعي فلم يشرح شيئاً بل ألف ((غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى)) ومن أراد التوسع في ذلك فعليه الرجوع إلى كتابي ((اللآلئ البهية)) هذا والله من وراء القصد.    
   
 
كتبه خادم أهل العلم
 محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل