قراءة في الرسالة المسماة فصوص النصوص الجلية في أن الأرز مجزئ في الزكاة البدنية


قراءة في الرسالة المسماة فصوص النصوص الجلية في أن الأرز مجزئ في الزكاة البدنية


قراءة في الرسالة المسماة
فصوص النصوص الجلية في أن الأرز مجزئ في الزكاة البدنية
تصنيف العلامة الشيخ محمد سعيد بن عبدالله بن محمد بن عمير
المتوفى سنة 1203هـ
تحقيق عبدالعزيز بن أحمد العمير
القاضي بالمحكمة العامة بالأحساء
الطبعة الأولى عام 1431هـ – 2010م
 
تقع هذه الرسالة في اثنتين وسبعين صفحة قام بتحقيقها فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن أحمد آل عمير القاضي في المحكمة العامة في الأحساء. والرسالة في جواز إخراج زكاة الفطر من الأرز وهي على صغر حجمها نافعة في بابها حيث إنَّ مؤلفها يعد من كبار علماء السادة الشافعية في الأحساء ورجل دولة آنذاك وقد ترجم له المحقق بترجمة وافية وكذلك أشعاره في كتاب شعراء هجر.
          وفي مقدمة القاضي الفاضل الشيخ عبدالعزيز وفقه الله تحدث عن المذاهب الأربعة في الأحساء فذكر أسرة آل الملا الأسرة التي تنتسب إلى مذهب الإمام الأعظم ابي حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله
قلت: ومذهب الإمام الأعظم قديم في الأحساء من أيام بني العباس وفي آخر الزمان انحصر في آل ملاء وآل حافظ وآل زيد. وتميز هذا المذهب بالقول بالاستحسان والرأي الممدوح إن شاء الله لا المذموم وفيه مخارج لقضايا الناس في أمس الحاجة إليها وهي ما يسميه بعضهم بالحيل وهي في الواقع مخارج وكل الأئمة لهم نصيب من هذا المصطلح فمنهم مقل ومنهم مكثر وإن كان هذا صار شعاراً للحنفية ومن أراد التوسع في هذا فعليه الرجوع إلى كتاب الإمام ابن القيم رحمه الله ((إعلام الموقعين)) فسيرى العجب العجاب.
          أمَّا مذهب إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمه الله ويعتبر هو المذهب السائد في الأحساء حيث إنَّ جميع القرى والأحياء ينتسبون إلى هذا المذهب فغالب أهل النعاثل وأهل الرفعة والقرى يرجعون إلى علماء هذا المذهب وهو قديم في الأحساء أولاً لمجاورة بني حماد في العراق الذين منهم القاضي عبدالوهاب ثانياً الدولة العقيلية الجبرية مالكية المذهب.
          أمَّا مذهب الإمام الشافعي رحمه الله فلعله ظهر في الأحساء جلياً حين نزحت أسرتا آل جعفري وآل عبدالقادر إلى الآحساء من طيبة الطيبة وقبلهم في القرن التاسع لما اضطهد الصفويون أهل السنة ونزح الكثير من بلاد فارس ولنجة إلى الساحل الغربي كما أشار إلى ذلك النبهاني كما في التحفة النبهانية وأكده الدكتور الشيخ عبدالحميد آل الشيخ مبارك في دراسته لكتاب جده التسهيل حيث قال في ص179: وفي هذا العهد وعلى وجه التحديد في أواخر القرن التاسع بدأت هجرات جديدة من أهل السنة في فارس إلى دول الخليج نظراً لما لاقوه من تشريد وقتل من الدولة الصفوية .. فأصبح للشافعية وجود ظاهر في حواضر مدن الخليج والأحساء . انتهى
          أمَّا مذهب الأمام أحمد رحمه الله فإنه قديم في الأحساء ويغلط من يظن أنه دخل مع دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بل عندنا مصدر يؤكد ذلك ففتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أول باب الجمعة المجلد الرابع والعشرين فيه استفتاء ذهب من الأحساء إلى شيخ الإسلام وأجابهم.
ثانياً أسرة آل عفالق أسرة حنبلية قبل خروج ابن عبدالوهاب بل هم المرجع في الفقه الحنبلي في الأحساء وغيرها.
ثالثاً آل فيروز وأول قاضٍ كويتي هو الشيخ محمد بن فيروز الأحسائي الحنبلي المتوفى عام 1135 هـ وهو جد ابن فيروز عالم الأحساء وهذا العالم مات قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله والإمام ملا علي القاري الحنفي ذكر انتشار الحنابلة في الأحساء وهو متوفى عام 1014هـ في كتابه شرح عين العلم و زين الحلم ص48
          أمَّا أنَّ مذهب الإمام الشافعي رحمه الله دخل الأحساء مع دخول الإمام اللغوي أبي منصور الأزهري رحمه الله في القرن الرابع أقول: الإمام الأزهري رحمه الله لم يدخل الأحساء بل مرَّ حاجاً من هراة بلده وأسره القرامطة وتنقل معهم أسيراً انظر ترجمته في مقدمة الكتاب النفيس تهذيب اللغة.
          فذلكة: وهي أنَّ الأئمة رحمهم الله كلهم على هدى ولا يؤخذ من أقدمية المذهب أو تأخره في البلاد ما يؤيد تقليده بل العبرة بانتشار المذهب لما يتمتع به من مرونة فالفلاحون والرعاة هم في أمس الحاجة إليها والمذاهب ما جاءت للتنافس والتناحر إنما هي اجتهادات يكمل بعضها بعضاً والعالم يبجث والعامي لا مذهب له كما ذكره أهل الأصول وهم بلا شك اختيارهم لنا خير من اختيارنا لأنفسنا لاجتماع آلة الاجتهاد فيهم وانعدامها فينا والحق لا يخرج عنهم إن شاء الله.
ويعجبني العالم الكبير الفقيه الأصولي النظار الإمام محمد أبو زهرة وهو حنفي المذهب قدم للمكتبة الإسلامية دراسات عميقة لا يزال الناس يتتلمذون عليها فقد ألف موسوعات لفحول علماء الشريعة من الأئمة الكبار وناقش بموضوعية تامة بعيداً عن التعصب والتشنج لأنه لا يتعصب أو يتشنج إلى الجهال والحمقى وليس كل من قرا يعد عالما
          وكل يدعي وصلاً لليلى
                             وليلى لا تقر لهم بذاكا
فألف هذا العالم كتباً عن الأئمة الأربعة وكتاباً عن فقه الإمام جعفر الصادق رحمه الله وكتاباً عن فقه الإمام زيد وكتاباً عن فقه الاباظية وكتاباً عن فقه الظاهرية وكتاباً عن ابن تيمية وغيرهم رحمهم الله فهذا الرجل يكتب بأريحية وإنصاف.
          فبعض من يدعي العلم إذا جاء ذكر الإمام أبي حنيفة كشر بوجهه وقال هؤلاء أهل الرأي وبعضهم إذا جاء ذكر الحنابلة كشر بوجهه وقال هؤلاء ليسوا فقهاء. وهذه حماقة وجهل وقلة عقل فإنَّ أول كتاب عرفناه لتخريج أحاديث الأحكام لعالم حنفي هو الإمام الزيلعي رحمه الله ((نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية)) وآخر كتاب ((عقود الجواهر المنيفة في أدلة مذهب الإمام أبي حنيفة)) للإمام مرتضى الزبيدي أمَّا الحنابلة فيكفي ماكتبه الإمام أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي وذكره ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد ويكفينا شهادة الإمام الشافعي رحمه الله ويكفينا كتاب الإمام أبي زهرة عن هذا الإمام ويكفينا كتب ابن قدامة المغني والكافي وغيرها.
          أمَّا تنقص الأئمة بعبارات تحمل الهمز واللمز فربما شارك أحدهم في ندوة أو محاضرة ليتكلم عن التشريع الإسلامي فتفاجأ به ينتقص إماماً ويلمز مذهبه بعبارة مثل قوله: لا أعرف شيئاً عن هذا المذهب وهو يدري ويعلم ولكن ألا يعلم أنَّه معرض للعقوبة وأنَّ الله لا يبارك في علمه ويسد القبول أمامه فيكرهه الناس وأنَّ لحوم العلماء مسمومة وأنَّ الأئمة أولياء الله فلا يؤذيهم إنما يؤذي نفسه وقد ألف العالم الكبير معروف الدواليبي كتاباً نفيساً: ((المدخل إلى التشريع الإسلامي)).
          وبعض الناس إذا صار له موقف مع أحد العلماء فإنَّ كرهه وبغضه لا يقف عند هذا العالم لا بل يشمل مذهبه وأقاربه وهذه كلها لوثة عقلية فالحمد لله الذي عافانا فقد والله تشرفت بخدمة المذاهب الأربعة والذي يريد مصداق ذلك يدخل موقعي الالكتروني ولأني نشأت على رجال أمناء شرفاء عقلاء ينبذون العصبية والحزبية والاقصائية عندهم توزان ليس له نظير رحمهم الله وغفر لهم آمين هذا والله من وراء القصد.
 
كتبه خادم أهل العلم
محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل