الصدق


الصدق


الصدق
 
مادة تحبها النفوس النقية وتهضمها بكل شهية كلها نجاح وفلاح ومنجاة في الدنيا والآخرة الصدق مادة لا تهزم الصدق عنوان الأسوياء الصدق عنوان الأتقياء الصدق لا يعد الصدق في كل شيء وبلا استثناء الصدق سمة الأولياء الصدق صفة الصديقين والأصفياء الصدق صفة الكملة والنبلاء الصدق صفة الشجعان الصدق صفة الكرماء الصدق صفة المتواضعين الصدق صفة أصحاب الإيثار وليس صفة أهل الأثرة الصدق مادة كلها تدل على خير هي و جميع اشتقاقاتها فالصديق رضي الله عنه والصدقة والصداق والصدوق والصادق والصدق
قال تعالى: ((ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين)) التوبة آية 119
قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ((إن الصدق يهدي اإلى البر وإن البر يهدي إلى الجنه وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً و إن الكذب يهدي إلى الفجور و إن الفجور يهدي إلى النار و إن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا)) متفق عليه
قال الشاعر:
إذا السر و الإعلان في المؤمن استوى    فقد عز في الدارين واستوجب الثنا
فان خالف الإعلان سرا فماله            على سعيه فضل سوى الكد و العنا
فلن تجد صدوقا نماماً ولن تجد صدوقا فتاناً ولن تجد صدوقاً حقوداً ولن تجد صدوقا مغتاباً لأنه شجاع تغلَّب على نفسه وهواه فصدق فصار شجاعا لأن الكذب والغش و النميمة من صفة الجبان و أقرب شبه به الثعلب ومما تستغرب له أن يكون عالماً كذاباً أو داعية كذاباً أو خطيباً كذاباً و أصحاب الفراسة و أصحاب الصدق يعرفون الكذابين مهما تلبسوا و مهما ظهروا فان الباطن يشف لأصحاب الفراسة و المصداقية كما قال الشاعر :
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
وكل إناء بما فيه ينضح ولقد كان سيدي الوالد رحمه الله يلتقي بأقوام تقوم لهم الدنيا وتقعد ثم يسر لي رحمه الله بأن فلاناً كذاب و أبقى في حيرة من أمري ولكن مع مر السنين يظهر لي صدق والدي ولقد كان الأمير محمد بن فهد بن جلوي رحمه الله
يزوره أقوام وكل شرايح المجتمع فإذا خرجوا أسرَّ لي قائلا لا يغرك مظهر فلان فإنه كذوب وفعلا وجدت صدق مايقول , كان لي صديق توفاه الله وكان مبتلى بجليس كما قال أبو الطيب:
و إنَّ من نكد الدنيا على الحر أن يرى
                      عدواً ماله من صداقته بُدُّ
وليست المصيبة في الكذاب وإنما المصيبة في الذي يستمع الى الكذاب
قال لي صديقي حضرت مجلساً من المجالس وصاحب هذا مسؤول كبير يقول من حين جلوسي حتى خرجت والمجلس لم يترك موضوعاً إلا خاض فيه حتى الإدارة التي أشرف عليها ناقشوا مواضيعها واستعرضوا أخبارها وذكروا مالها وما عليها و أنا جالس بينهم و كان أحد الحاضرين يغمز لهم بعينه وكأنه يقول مدير الإدارة في المجلس ولكنهم لم ينتبهوا حتى خرج وهو يضحك من حال الناس.
بقلم خادم أهل العلم

محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل

* جريدة الجزيرة الجمعة 17 صفر 1435 العدد 15058
Friday 20/12/2013 Issue 15058
http://www.al-jazirah.com/2013/20131220/is8.htm