قراءة في كتاب تدريب السالك إلى أقرب المسالك على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه


قراءة في كتاب تدريب السالك إلى أقرب المسالك على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه


قراءة في كتاب
تدريب السالك إلى أقرب المسالك
على مذهب الإمام مالك
رضي الله عنه
1289 – 1360 هـ
وشرحه تبيين المسالك لتدريب السالك
 
المتن من تأليف الفقيه العلامة الشيخ عبدالعزيز بن حمد آل مبارك التميمي الأحسائي موطناً المالكي مذهباً رحمه الله هذا العالم تعطر بذكره المجالس له ترجمة في مقدمة هذا الكتاب من إملاء ابنه الشيخ أحمد رئيس القضاء الشرعي في أبوظبي ((حرف الجر يجر مابعده ولكني لم أجر أبوظبي لأنها مبنية على الحكاية في جميع أحوالها حيث أصبح هذا الإطلاق يعني بلداً ودولة قلت ذلك حتى لايعيبني أحد)).
أقول ترجم له ترجمة حافلة وترجم كذلك صاحب شعراء هجر ولقد وصل مرتبة الإمامة في الفقه رحمه الله.
أقول هذا الكتاب يعتبر اختصاراً لكتاب أقرب المسالك للعلامة الشيخ أحمد بن محمد الدردير المالكي رحمه الله هذا المختصر يقع في 112 ص من الحجم المتوسط بدأه مؤلفه بمقدمة في العقيدة كما هو شأن متقدمي السادة المالكية وقد اشتهرت مقدمة الإمام ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله صاحب الرسالة المشهورة حيث سلك شيخنا المبارك مسلك متقدمي المالكية في ذكره للعقائد السنية السلفية فهي مقدمة في التوحيد نافعة.
          هذا وقد شرح الكتاب المذكور الفقيه العلامة الشيخ محمد الشيباني بن محمد الشنقيطي الموريتاني سمى شرحه كما ذكر تبيين المسالك طبع في أربعة مجلدات من الحجم المتوسط الناشر دار الغرب الإسلامي وعلى نفقة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رحمه الله وغفر له.
          فجاء هذا الشرح الدرة المفقودة والضالة المنشودة فشرح المقدمة التي في العقيدة حيث سار الماتن والشارح على سير علماء هذه الأمة وسلفها الأخيار وفي مقدمتهم إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه وما سار عليه الشارح والمؤلف في العقيدة هو مذهب أهل السنة والجماعة وعليه جهابذة المالكية ومحققوهم كابن عبدالبر والإمام الطلمنكي والإمام ابن زمْنين فالمشبه عابد وثن والمعطل عابد عدم نؤمن بكل ماورد به الكتاب والسنة من أسماء الله وصفاته فكما أنه تعالى له ذاتاً لا تشبه الذوات فكذلك له صفات لا تشبه الصفات لأنَّ الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات ولا نخوض في أسماء الله وصفاته وكما نقل الشيخ المبارك رحمه الله في ص19 من تدريب السالك وهي عقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله في كتابه ((الإبانة عن أصول الديانة)) وهو آخر مصنفاته ومات قائلاً بما فيه كما حكاه المحققون بما فيهم الإمام أبوالثناء محمود الآلوسي في مقدمة تفسيره ((روح المعاني)) ج1 ص81 ، 82 وسلك هذا المسلك الشيخ الفقيه محمد بن إبراهيم آل الشيخ مبارك رحمه الله المتوفى عام 1404هـ في رسالته النفيسة ((ما يجب على المكلف من الاعتقاد)) وهذا منهج سلف هذه الأمة.
          وإذا لم يسعنا ما وسع سلف هذه الأمة فلا وسع الله علينا.
نعود إلى الشرح فنقول: لقد شرحه شرحاً نفيساً اعتنى بالدليل والتعليل ونقل أقوال المذاهب الثلاثة الحنفية والشافعية والحنابلة وناقش بنزاهة تامة وهذا شأن العلماء المتبحرين قرأته واستفدت منه وقد نبهت على مسائل ذكرها الشارح جزاه الله خيراً على أنها مذهب الإمام أحمد المفتى به فقمت بتبيين المذهب الذي عليه الحنابلة المتأخرون كصاحب الإنصاف ومن بعده رحمهم الله وعملي هذا من باب التعاون على البر والتقوى.
فأقول:
ج1 في لمس الرجل المرأة
          فالرواية الصحيحة في مذهب أحمد أنَّ لمس المرأة ينقض بالشهوة فقط وعليه الفتوى لدى المتأخرين.
ص 194 أنَّها واجبة مع الذكر هي مذهب أحمد المفتى به لدى المتأخرين.
ص 438 مذهب أحمد أنه لا يسجد للجهر في موضع السر.
ص 459 المذهب المفتى لدى المتأخرين لا يؤم الصبي البالغين.
ص 461 المذهب المفتى به لا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل ولا الظهر خلف من يصلي العصر.
ج 2 من فاتتهم صلاة العيد يصلونها جماعة هي المذهب المفتى كما في الروض المربع.
ص 148 التبس على الشارح كغيره من المؤلفين ونسبوا لمذهب أحمد الصوم يوم الشك وهذا خطأ على أحمد وعلى مذهبه فإنَّ مذهبه تحريم صوم يوم الشك فيوافق جمهرة فقهاء المسلمين انظر المسألة في الروض المربع وغيره من كتب المذهب ولكنه انفرد عن الجمهور بصوم يوم الإغمام وليس يوم الشك.
قال ناظم المفردات:
وفي الثلاثين من الليالي
                    من شهر شعبان عن الهلالِ
إنْ حال غيم في غدٍ يصامُ
                    من رمضان فطره حرامُ
وهذا قول عمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق رضي الله عنهم لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الشهر تسعة وعشرون يوماً فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له)) قال نافع كان: عبدالله بن عمر إذا مضى من الشهر تسعة وعشرون يوماً يبعث من ينظر له الهلال فإن رؤي فذاك وإن لم ير ، ولم يحل دون نظرة سحاب ولا قتر أصبح مفطراً وإن حال دون نظرة سحاب أو قتر أصبح صائماً ومعنى أقدروا له: أي ضَيِّقوا بأن يجعل شعبان تسعاً وعشرين وقد فسره ابن عمر بفعله وهو راويه وأعلم بمعناه فيجب الرجوع إلى تفسيره.
          انظر شرح المفردات والروض المربع.
أمَّا يوم الشك: فهو إذا لم ير الهلال مع صحو ليلة الثلاثين من شعبان أصبحوا مفطرين لأنه يوم الشك منهي عنه لقول عمار: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم رواه أبوداود والترمذي وصححه وقال العمل عليه عند أكثر أهل العلم ورواه البخاري تعليقاً فمذهب أحمد كمذهب الجمهور في صوم يوم الشك.
ج3
ص 46 تزويج الأب ابنته الثيب الصغيرة والبكر الكبيرة هي المذهب كما في الروض المربع بحاشية العنقري ج3 ص 70 ، 71
ص 68 مرجعها إلى القاضي واجتهاده فيها
ج4 ص 206 الرواية المعتمدة في مذهب أحمد منع الاستئجار على تعليم القرآن الكريم.
ص 253 لا يصح الوقف على الجنين ((الحمل)) هي المذهب
ص 640 ورد في تقريظ الشيخ سيدي الملقب الشيخ بيه أن السالك المسوى الشنقيطي الموريتاني قوله ((قلت ونحن نرى أنَّ مالكاً ما ترك حديث الصحيحين إلا لدليل أرجح عنده الخ
أقول: لو عبر بغير هذا التعبير لكان أولى لأنَّ القارئ يظن أنَّ الصحيحين قبل مالك رحمه الله بينما لم يخرج الصحيحان إلاَّ بعد مالك رحمه الله بفترة وموطأ مالك يعتبر هو أصل الصحيحين. لذا نبهت.
          ولا يظن عاقل أنَّ الإمام مالكاً يطلع على الحديث الصحيح ثم يخالفه بقياس أو غيره فهو صاحب السلسلة الذهبية رحمه الله.
 هذا والله من وراء القصد وصلى الله على عبده ورسوله سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

كتبه خادم أهل العلم

محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل

* نشر في جريدة الجزيرة السبت 04 رجب 1430   العدد  13421
Saturday  27/06/2009 G Issue 13421

http://www.al-jazirah.com/93326/rj12d.htm