الشماغ أم الغترة
الشماغ أو الغترة
تكاد قضية الشماغ و الغترة أن تأخذ حيزاً من وقتنا وفكرنا بل أصبحنا نصنف الرجل من خلال لباسه هل يلبس شماغاً أو يلبس غترة.
تعارف الناس في هذه البلاد على أن يلبسوا فوق رؤوسهم ملحفة رباعية تجعل على شكل مثلث منفرج الزاوية فالتي يغلب عليها اللون الأحمر وفيها خطوط بيض يسمونها شماغاً،والتي لونها أبيض من القماش الخفيف تسمى غترة وهذي كذلك على شكل مثلث منفرج الزاوية وتنطق بكسر الغين وسكون التاء وفتح الراء.
فهناك من يلبس هذه تارة وتلك تارة أخرى فالنوعان عنده سواء في القيمة الاعتيادية لأنَّ اللباس عادة وليس عبادة.
لكن ظهر في الآونة الأخيرة تعنصر وتكتل وأصبحت تطلق اطلاقات تحمل اتهامات لا تليق بالعقلاء فضلاً عن أهل العلم والفضل حتى أنك لتعجب من كلمات يقولها من تحسن الظن فيهم كلها قذف وسباب فخرج من يصنف الذي يلبس الغترة بأنه صوفي إشارة إلى أنه مبتدع غير متبع وأن المتبع هو الذي يلبس الشماغ وفي الطرف المقابل من يرى أن الشماغ لباس البدو وأنها علامة الجفاء وأصبح المسكين الذي يبغي يعيش مع قوم يلبس لباسهم وإن كان لم يعتد عليه وإن كان لا يريده إنما ليعيش ولكننا لو تأملنا في الفريقين لرأيناهما بمعزل عما دعوا إليه وتعصبوا له أو عليه فالذي يتعصب للشماغ تجد ثوبه أبيضا والذي يتعصب للغترة تجد ثوبه ملوناً خاصة في الشتاء أما البشت ((العباءة)) فهذا يلبس بشتاً أبيضا مع الشماغ وذلك يلبس بشتاً أحمر مع غترة مع أنَّ الكلام إن صح الكلام ففي الثوب والحلة والبشت وليس في الشماغ والغترة ولم يلبس النبي صلى الله عليه وسلم الشماغ ولم يلبس الغترة إنما لبس العمامة إذاً خلافهم في غير مورد الخلاف هذا إن سلمنا لهم.
ولنعد إلى الشرع فنرى ماذا يقول الشرع المطهر من أدران الأهواء والنزعات والتعصبات الحزبية والقبلية.
فأفضل اللباس الأبيضُ منه الثوبُ والإحرام والكفن قال صلى الله عليه وسلم ((البسوا ثياب البياض فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم)) رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه
ولبس صلى الله عليه وسلم بردين أخضرين في حديث رواه الخمسة. إلا ابن ماجه
وعن البراء بن عازب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مربوعاً بعيد مابين المنكبين له شعر يبلغ شحمة أذنيه رأيته في حلة حمراء لم أر شيئاً قط أحسن منها منه)) متفق عليه .المصدر منتقى الأخبار في ص 298 إذاً الأمر فيه سعة والأمر ليس متعلقاً بالشماغ والغترة بل متعلق بالثوب والحلة والقميص والرداء إذاً لا أصل لهذا التعصب مع أنه تعصب في غير محله كما ترون فأفضل اللباس البياض إذاً لا يعاب على من لبسه ويجوز لبس غيره خاصة الأحمر ولبسه صلى الله عليه وسلم فإذا كان خلافنا في غير مورد الخلاف وخلافنا ليس مبنياً على أساس فلننبذ الخلاف فاللباس عادة وليس عبادة ومن الأفضل أَنَّ كل شخص يلبس لباس قومه لأن الذي لا يلبس لباس قومه سوف يكون لباسه شهرة مذموماً.
فاني أدركت مشايخي الكرام وهم كبار العلماء وعلية القوم وهم المرجع كل يلبس ما يشاء ولا يعير هذه المسألة اهتماماً لأنهم فقهاء فالفقهاء عقلاء ومن اتسع فقه قل إنكاره فسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها ومرجع مشايخها يلبس الشماغ وفي أقرانه ومن طلابه من يلبس الشماغ وفيهم من يلبس الغترة ولم يتكلم أحد منهم في هذا الموضوع لأنه يدل على ضعف الإدراك فسماحة شيخنا عبدالله بن حميد رحمه الله يلبس الشماغ وسماحة الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن مانع رحمه الله يلبس الغترة والشيخ عبدالله بن عمر بن دهيش رحمه الله يلبس الغترة وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله لبس الغترة حين كان في الجامعة الإسلامية وصوره موجودة في الصحف وعندي منها كان يلبس الغترة ثم لبس الشماغ والشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله مات وهو يلبس الغترة والشيخ عبدالرحمن الدوسري رحمه الله مات وهو يلبس الغترة وهكذا المعاصرون من الأحياء أمَّا في الأحساء فيلبسون الغترة وفي مكة المكرمة والمدينة المنورة فيلبسون الغترة أعني أهلها الأصليين.
إذاً نقول للشباب المتحمسين من الطرفين على رسلكم تريثوا وتفقهوا وتأدبوا ودعوا عنكم الهمز واللمز لأهل العلم والفضل هذا والله من وراء القصد.
بقلم
خادم أهل العلم
محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل
* نشر في جريدة الجزيرة الأربعاء 03 ذو الحجة 1428 العدد 12858
http://www.al-jazirah.com/208854/rj2d.htm