مداخلة مع الشيخ ابن منيع


مداخلة مع الشيخ ابن منيع


مداخلة مع الشيخ ابن منيع
 
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على عبده ورسوله سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
                وبعد فقد قرأت ماكتبه فضيلة الشيخ عبدالله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء في جريدة الرياض في يوم الثلاثاء الموافق الثلاثاء 6 ذي القعدة 1432 هـ العدد 15807 وتضمنت إجابته عن صلاة تحية المسجد في وقت النهي.
                وأنا أكتب هنا لست معترضاً على إجابته ولكني حسب فهمي القاصر أنَّ المسألة فيها خلاف قوي بين الجمهور المالكية والحنفية والحنابلة من جهة وبين الشافعية من جهة أخرى.
فالجمهور يقولون بتحريم تحية المسجد وقت النهي بخلاف الشافعية.
ولكن كثيراً من مشايخنا المتأخرين والمعاصرين يفتون بالقول بتحية المسجد في وقت النهي ويتعصبون حتى وصل الحال إلى الانكار على الذي لا يصليها.
                وقد يصليها خوفاً من أن ينتقص في دينه هذا مع أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلها ولم يصلها الإمام أحمد رحمه الله.
                وقد حكي القولان في الدرر السنية في الأجوبة النجدية.
والأئمة كلهم على هدى والخلاف في الفروع أمر سائغ لا ينكره الفقهاء ولكن الذي ينكر التشدد وأنا أظن أنَّ الذين يفتون بالصلاة وقت النهي لم يعطوا الموضوع حقه من البحث العلمي والدليل على ذلك أنه خرج كتاب نفيس بعنوان ((أحكام تحية المسجد)) تأليف الشيخ الفقيه صالح بن سالم الصاهود وفقه الله الناشر دار البشائر الإسلامية وقد بحث الموضوع بدقة من حيث الناحية الحديثية والأصولية حتى ظهر له تحريم تحية المسجد وقت النهي وبحثه طويل عريض يقع في عشر صفحات يبدأ من ص101 حتى ص111.
                و لأنكم في مقام المفتي فلن أطيل عليكم فقد جاء في خلاصة البحث عنوان ((الترجيح)):
فقال: الراجح والله أعلم ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من عدم جواز صلاة تحية المسجد في وقت النهي ، وذلك لأنَّ كلاَّ من أصحاب القول الأول والثاني يدّعي أنَّ ما استدل به غيره من الدليل عام،والدليل الذي عنده مخصص لدليل غيره. والحكم لأحدهما بلا دليل تحكم،
                فلم يسبق عندنا إلاَّ القاعدة الأصولية وهي تقديم الحاظر على المبيح،إذ أنَّ إمكان الجمع بين الدليلين بطريقين مختلفين كعدم إمكان الجمع بينهما حقيقة لا سيما وأن هذه القاعدة محل اتفاق بين جمهور الأصوليين. انتهى ص109 ، 110.
                وقال الشيخ العلامة عبدالقادر شيبة الحمد سلمه الله في رسالة بعنوان ((الحض على صلاة تحية المسجد والنهي عن الصلاة في أوقات محددة))
                قال: وتقسيم الشافعي رحمه الله الصلوات إلى ذوات الأسباب وغير ذوات هو اجتهاد مع النص والاجتهاد مع وجود نص رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أصحابه رضي الله عنهم مردود عند المحدثين والأصوليين والفقهاء بخلاف الاجتهاد في النص إن كان النص محتملاً لذلك مع أنَّ دعوى أنَّ ذوات الأسباب تصلى في وقت النهي منقوضة بصلاة العيدين والاستسقاء وهي من ذوات الأسباب قطعاً ولا يعلم في تاريخ الإسلام كله إلى الآن أنَّ صلاة العيد والاستسقاء أُديت في وقت النهي بل لا تصلى إلاَّ بعد حل النافلة الخ ص18 ، 19
                أمَّا الشيخ الفقيه المحقق الزاهد الورع عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله : فإنه قال في شرحه النفيس الذي لم أر مثله في كتب المذهب حتى عرف بتحري الدقة و إنصاف المخالف ففي كتاب الدرر المبتكرات شرح أخصر المختصرات المجلد الأول ص322
                قال: واختلف في تحية المسجد فكثير من العلماء يقولون لا تدخلوا المسجد في أوقات النهي،لأنكم إن صليتموها خالفتم أربعة وعشرين صحابياً روايتهم مرفوعة،وإن تركتموها خالفتم حديث أبي قتادة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) فكونكم تخالفون حديثاً أو أحاديث فإن هذا عمل يخالف الأدلة وبعضهم يدخلون المسجد ولا يصلونها،فيقولون: كوننا نخالف أربعة وعشرين صحابياً أشد من مخالفة حديث أو حديثين،فعلى كل حال لكل اجتهاده. انتهى.
        هذا والله من وراء القصد وصلى الله على عبده ورسوله سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
 
كتبه خادم أهل العلم

محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل